مفهــــــــوم الضــــــرائـــــــب
مقدمــــــــــــــــــــــــــة الفصـــــــــــل
مقدمــــــــــــــــــــــــــة الفصـــــــــــل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبحث الأول: ماهية الضرائب أنواعها وأهدافها
المطلب I : نشأة الضرائب
المطلب II : تعريف الضرائب ومبادئها
المطلب III : أنواع وخصائص الضرائب
المطلب IV : طرق تحصيل الضرائب وأهدافها
المبحث الثاني: النظام الضريبي
المطلب I : مفهوم النظام الضريبي
المطلب II : خصائص النظام الضريبي
المطلب III : أهداف النظام الضريبي
المطلب IV : أنواع أنظمة الإخضاع للنظام الضريبي
المبحث الثالث: الآثار الاقتصادية المباشرة للضرائب
المطلب I : آثار الضرائب على الاستهلاك والادخار
المطلب II : آثار الضرائب على الإنتاج
المطلب III : آثار الضرائب على توزيع الدخل
المطلب IV : آثار الضرائب على الأسعار
المبحث الأول: ماهية الضرائب أنواعها وأهدافها
المطلب I : نشأة الضرائب
المطلب II : تعريف الضرائب ومبادئها
المطلب III : أنواع وخصائص الضرائب
المطلب IV : طرق تحصيل الضرائب وأهدافها
المبحث الثاني: النظام الضريبي
المطلب I : مفهوم النظام الضريبي
المطلب II : خصائص النظام الضريبي
المطلب III : أهداف النظام الضريبي
المطلب IV : أنواع أنظمة الإخضاع للنظام الضريبي
المبحث الثالث: الآثار الاقتصادية المباشرة للضرائب
المطلب I : آثار الضرائب على الاستهلاك والادخار
المطلب II : آثار الضرائب على الإنتاج
المطلب III : آثار الضرائب على توزيع الدخل
المطلب IV : آثار الضرائب على الأسعار
خلاصة الفصل الأول
مـقـــدمـــــــة:
تعتبر الضريبة من أقدم وأهم المصادر المالية للدولة نظرا لضخامة الأموال التي توفرها للخزينة العامة للدولة ، وقد تزايدت أهميتها بتزايد حصتها في هيكل الإيرادات العامة وكذا الدور الكبير الذي تلعبه في مجال تحقيق أهداف الدولة السياسية والمالية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية ومن ثم ضخامة آثارها على مختلف مستويات القطاع الإنتاجية والاستهلاكية والتوزيعية .
ومع التطور الذي عرفته الدولة من اقتصاد اشتراكي إلى اقتصاد السوق فقد احتلت الضريبة حيزا كبيرا من الدراسات المالية و الاقتصادية والاجتماعية ، حيث أصبحت موضوع اهتمام رجال الفكر المالي سعيا منهم لإيجاد حلول للأزمات المالية والاقتصادية كما أصبحت أداة من أدوات السياسة المالية للدولة التي تؤثر بشكل مباشر على اقتصاد الدولة ونظرا للأهمية التي تتصف بها الضريبة في مختلف المجالات الجبائية ولكثرة ما تثيره من مسائل تستحق الدراسة أصبح الحديث عن هذا الموضوع علما قائما في كل أقطار العالم والذي هو حديثنا في هذا الفصل ، حيث سنحاول الإلمام بجوانب عديدة تتعلق بها من بينها : التعريف بالضريبة ومبادئها مع ذكر أنواعها واستعراض خصائصها دون إغفال طرق تحصيلها وكذا أهدافها وآثارها الاقتصادية .
فما المقصود بالضريبة ؟ وما هي أهدافها وآثارها الاقتصادية ؟
المبحث الأول: ماهية الضريبة ، أنواعها وأهدافها .
إن تحقيق تنمية اقتصادية شاملة يعني أن هناك جملة من الوسائل والأدوات يجب استخدامها ولعل من أهمها الضريبة (الجباية ) والتي تعتبر الوسيلة المستعملة من طرف كل الدول مهما كان مستواها الاقتصادي .
إذ تستعمل الضريبة كوسيلة للتأثير على الواقع الاقتصادي، حيث تعمل جميع الدول على تكييف سياستها الضريبية من أجل تشجيع المستثمرين وتوجيه مشاريعهم إضافة إلى دورها في زيادة الادخار ونظرا لهذه الأهمية سنتطرق في هذا المبحث إلى نشأة الضريبة ومختلف التعارف و لمفاهيم الخاصة بها ، وكذا مجموعة المبادئ التي تحكم فرضها دون إغفال ذكر الأنواع واستعراض الخصائص مع التطرق أيضا إلى طرق تحصيلها وأهدافها .
المطلب الأول : نشأة الضريبة [ ]
لقد كان يعيش أفراد المجتمع قديما في شكل قبائل ، وكان يتم ذلك دون أن يستلزم نفقات عامة. لكن سرعان ما ظهرت الحاجة المشتركة بين الأفراد في القبيلة الواحدة و القبائل الأخرى كالحاجة إلى الأمن والدفاع و الغذاء وبالتالي استلزم على الزعيم ( رئيس القبيلة ) الاستعانة بالهبات والأموال والتبرعات ، و كان العمل التطوعي الفردي أو الجماعي .
إن تعدد حاجات الفرد و تنوعها أدى إلى ظهور ما يسمى بالحاجة العامة التي لا يمكن لأي فرد تحمل نفقتها لوحده . مما استلزم وجود مجلس القبيلة ، يقوم بتنظيم الحياة داخل القبيلة و تقسيم العمل من أجل توزيع النفقات بين جميع الأفراد، و مع توسع القبيلة و زيادة مهام مجلس القبيلة ظهر مفهوم الدولة كمنظم للحياة الاجتماعية و أصبح من الضروري للدولة تأمين الموارد اللازمة للمحافظة على الأمن و الدفاع عن ممتلكات الأفراد، مما أدى بها إلى فرض تكاليف إلزامية على الأفراد نظير ممارسة بعض المهن أو عبور بعض الجسور أو دخول بعض الأسواق .
ومع تزايد الحاجات المالية للدولة أدى بها إلى فرض ما يسمى بالضريبة غير المباشرة إلى الضرائب المباشرة، وتستند الدولة في ذلك إلى نظرية العقد الاجتماعي للمفكر الفرنسي(جون جاك روسو) و هو ينص على أن أفراد المجتمع يربط بينهم عقد اجتماعي و التالي على الكل أن يوفي بهذا العقد المبرم.
و عليه فإن كل شخص يدفع قيمة الضرائب المستحقة عليه كل حسب مقدرته لقاء الأمن والعدالة و الخدمات التي تقدمها الدولة و دورها في الحياة الاجتماعية و الاقتصادية .
إذ أصبحت من الوسائل المالية العامة التي تعتمد عليها الدولة في تمويل مشاريعها .
أما ظهور المفهوم الحديث للضريبة فكان أثناء الأزمة الاقتصادية سنة 1929 الذي أوجب تدخل الدولة و توزيع نشاطها بزيادة مميزاتها بحيث أصبحت الضريبة أداة فعالة في توجيه النشاط الاقتصادي ، ومن أهم مصادر الإيرادات العامة وكذا وسيلة فعالة للتحكم في مسار الاقتصاد الوطني و توجيهه بما يؤدي إلى إنعاشه و حسن أدائه.
المطلب الثاني : تعريف الضريبة و مبادئها
هناك العديد من التعاريف للضريبة وقد اختلفت هذه التعاريف باختلاف كتاب المالية العامة و المفكرون الاقتصاديون و باختلاف الزوايا التي ينظر إليها كما تجدر الإشارة إلى أنه عند فرض الضريبة يجب مراعاة مجموعة من المبادئ التي تتمثل في الأسس و القواعد التي يتعين على المشرع إتباعها عند وضع أسس نظام ضريبي في الدولة وهذا ما سنتطرق إليه .
1- تعريف الضريبة : في غياب تعريف تشريعي يمكن أن نعرف الضريبة على أنها "مساهمة نقدية تفرض على المكلفين بها حسب قدراتهم التساهمية و التي تقوم عن طريق السلطة ، بتحويل الأموال المحصلة و بشكل نهائي و دون مقابل محدد تحقيق الأهداف المحددة من طرف السلطة العمومية".[ ]
وتعرف كذلك بأنها " اقتطاع نقدي ذو سلطة ، نهائي دون مقابل منجز لفائدة الجماعات الإقليمية (الدولة وجماعاتها المحلية)أو لصالح الهيئات العمومية الإقليمية " [ ]
فالضريبة هي " فريضة مالية يدفعها الفرد جبرا إلى الدولة أو لإحدى الهيئات العامة دون أن يعود عليه نفع خاص مقابل دفع الضريبة ".[ ].
ويعرفها أساتذة الفكر المالي على أنها " فريضة نقدية تقتطعها الدولة ، أو من ينوب عنها من أشخاص القانون العام من أموال الأفراد جبرا وبصفة نهائية وبدون مقابل ، وتستخدمها لتغطية نفقاتها والوفاء بمقتضيات وأهداف السياسة المالية العامة للدولة ".[ ].
كما ينظر إليها على أنها "اقتطاع نقدي جبري نهائي يتحمله المكلف ويقوم بدفعه بلا مقابل لمقدرته على الدفع مساهمة منه في الأعباء العامة أو لتدخل الدولة لتحقيق أهداف معينة "[ ] ، وفي تعريف آخر لها فهي " مبلغ من المال تقوم بجبايته الدولة جبرا من الأفراد بهدف تحقيق الصالح العام دون أن يرتبط ذلك تحقيق نفع خاص لدافع الضريبة " [ ].
ويمكننا إعطاء التعريف العام للضريبة على النحو التالي :
" هي اقتطاع مبلغ من المال يلزم الأفراد بشكل إجباري دفعه للسلطات العامة بدون مقابل وفقا لقواعد مقررة من أجل تغطية أعباء الدولة و السلطات الجهوية "[ ].
2- مبادئ الضريبة : ويقصد بالمبادئ التي تحكم فرض الضريبة مجموعة من القواعد والأسس التي تعتبر بمثابة دستور عام ضمني يهتدي به . وتخضع له القاعدة القانونية للضريبة وهي قواعد ذات فائدة مزدوجة فهي تحقق مصلحة المكلف من جهة ومصلحة الخزينة العمومية من جهة أخرى ، فعلى الدولة احترام هذه القواعد وعدم الإخلال بها لأن الإخلال بها يعتبر تعسف الدولة في فرض الضرائب، ويعتبر الاقتصادي آدم سميث أول مجموعة متماسكة من القواعد في كتاب ثروة الأمم والتي لا تزال تحتل مكانا في علم المالية المعاصرة وهذه القواعد هي :
أولا: قاعدة العدالة : لقد وضعت هذه القاعدة قيد العمل للقضاء على الامتيازات التي كانت سائدة في الأنظمة السياسية القديمة أين كانت بعض الطبقات المخصوصة معفاة من دفع الضرائب "[ ].
وقد بين آدم سميث هذا المبدأ بقوله " يجب أن يساهم رعايا الدولة في النفقات الحكومية وفقا لمقدرتهم النسبية بقدر الإمكان ، أي بنسبة الدخل الذي يتمتع به كل منهم في حماية الدولة " .
فآدم سميث يقرر أن مساهمة كل فرد من رعايا الدولة في النفقات العامة يجب أن
تكون تبعا لطاقته ومقدرته وأن خير مقياس لقدرته هو مقدار دخله ، ولذا فهو يرى أن فرضية
الضرائب يجب أن تنصب على الدخل لا على رأس المال كما أنه يقرر بالضريبة النسبية[ ].
وفي هذا الشأن فقد ذهب علماء المالية أول الأمر إلى تصور العدالة على أنها تعني وجوب الأخذ بنسبة الضريبة أي أن تكون النسبة المقتطعة من المادة الخاضعة للضريبة دخلا أو ثروة واحدة وذلك مهما بلغ مقدار هذه المادة باستثناء جان باست ساي فقد رأى أن الضريبة النسبية عاجزة عن تحقيق العدالة حيث أنها تحمل الفقير عبئا أكبر مما تحمله للغني ، وأن الضريبة التصاعدية هي ضريبة عادلة ، حيث تكون مساهمة الفرد في النفقات العامة للدولة وفقا لمقدرته التكلفية[ ]. ونتيجة لذلك فقد اتجه علماء المالية في العصر الحديث إلى التخلي عن فكرة الضريبة النسبية والاتجاه إلى الأخذ بفكرة الضريبة التصاعدية فيتم فرض الضريبة بنسبة تتغير مع تغير قيمة الوعاء أو المادة الخاضعة للضريبة ، وأضافوا إلى ذلك أن العدالة تقتضي ضرورة تطبيق مبدأ العمومية الشخصية والمادية ، فالعمومية الشخصية تعني أن تفرض الضريبة على كافة المواطنين الخاضعين لسيادة الدولة أو التابعين لها سياسيا وإقتصاديا والأجانب المقيمين فيها ومواطنيها في الخارج على حد السواء ، أما العمومية المادية فتعني أن تفرض الضرائب على كافة الأموال والعناصر المادية سواء كانت دخولا أو ثروات [ ]
ثانيا : قاعدة اليقين ( الوضوح ): تقتضي هذه القاعدة على نحو ما يذكر آدم سميث أن تكون الضريبة على سبيل اليقين والتجديد وأن تكون معلومة وواضحة دون غموض أو إبهام [ ]وذلك بأن يكون سعر الضريبة ووعاؤها ونصابها وموعد استحقاقها وكيفية جبايتها وكل ما يتصل بها من أحكام واضحا ومعروفا وبصورة مسبقة بالنسبة للمكلفين [ ]والهدف من ذلك أن يكون المكلف متيقنا بمدى التزامه بأدائها بصورة واضحة لا القياس فيها ومن ثمة يمكنه أن يعرف مسبقا موقفه الضريبي من حيث الضرائب الملزم بأدائها ومعدلها وكافة الأحكام القانونية المتعلقة بها [ ]
ويرتبط مفهوم اليقين الضريبي بمفهوم الثبات والاستقرار الضريبي ، فالتحديد الواضح للضريبة يتعارض مع كثرة التعديلات في جوانبها المختلفة كالسعر ، المقدار ، الوعاء والأجل ، ......الخ ، ومن هنا فإن التحديد الواضح للضريبة يقتضي منع إجراء التغييرات أو التعديلات إلا في أضيق الحدود ، ولا شك أن التحديد غير الواضح للضريبة أو كثرة التعديلات غير الضرورية عليها يؤدي إلى الظلم والتحكم والفساد ، وإلى زعزعة الثقة بأعضاء الجهاز الضريبي مما يدفع الممولين ويحفزهم على التهرب الضريبي .
ومن هنا نتأكد أن أهمية قاعدة اليقين وضرورة تطبيقها في المجال الضريبي حرصا على تطبيق مبدأ العدالة الضريبية .وكما يقول الاقتصادي الإنجليزي آدم سميث " إن عدم اليقين في أي نظام ضريبي أشد خطرا من عدم العدالة في توزيع الأعباء الضريبية " .
ومما سبق يتبين أن المقصود بهذا المبدأ هو الحفاظ على حقوق المكلفين ليطمئن لها ولا بد أيضا من استقرار النظام الضريبي حتى لا يثقل عبئها عليه ويفقد ثقته بالدولة [ ]
ثالثا : قاعدة الملائمة في التحصيل ( الدفع ) : تقتضي هذه القاعدة بوجوب تنظيم أحكام الضريبة على نحو يتلاءم مع أحوال المكلفين وييسر عليهم دفعها ، وعلى الأخص فيما يتعلق بميعاد التحصيل وطريقته وإجراءاته [ ]ومراعاة لهذه القاعدة فإن ميعاد تحصيل ضريبة ما يجب أن يكون مناسبا للظروف المالية والمعيشية كأن تكون وقت حصوله أو بعد حصوله على الدخل بوقت قصير على سبيل المثال وقت حصوله على مرتبة مباشرة أو وقت حصاد محصوله الزراعي أو وقت بيع السلعة المصنوعة وذلك لأن الجباية المتأخرة تسبب نوعا من المشقة بالنسبة للمكلف ، ورعاية لمبدأ الملائمة في التحصيل الضريبي تلجأ بعض التشريعات إلى الاقتطاع المسبق للضريبة من بعض أنواع الدخول في وقت تحققها كرواتب الموظفين .
وهو ما يعرف بالاقتطاع الضريبي من المنبع [ ]أما بالنسبة لأسلوب الجباية فإن قاعدة الملائمة تقتضي استخدام أساليب التحصيل الأكثر تناسبا للمكلف والتي لا يشعر معها بوطأة ثقل الضريبة وذلك بتجنب تعسف الإدارة الضريبية في استعمال سلطتها فيما يتعلق بإجراءات التحصيل وتجنب الأساليب التي تؤدي إلى نفور الممولين : كاستعمال ألفاظ الشتم والتهديد والترهيب وغيرها ، وتدعو اعتبارات الملائمة أن تكون القواعد المتعلقة بكل ضريبة متفقة مع طبيعتها الذاتية والأشخاص الخاضعين لها من أجل تجنب العديد من المشاكل التي يمكن أن تثور في حالة مخالفة هذه القاعدة [ ]
رابعا: قاعدة الاقتصاد في التحصيل : ويقصد بهذه القاعدة أن يتم تحصيل الضريبة بأسهل طرق التي لا تكلف إدارة الضرائب مبالغ كبيرة ، خاصة إذا سادت إجراءات وتدابير إدارية في غاية التعقيد ، مما يكلف الدولة نفقات قد تتجاوز حصيلة الضرائب ذاتها .
فيجب الاقتصاد في تكاليف جباية الضرائب بعيدا عن الإسراف والمبالغة في نفقات التحصيل الضريبي[ ].
وهذا يعني أن يكون صافي الإيراد من الضريبة بعد طرح تكلفة الجباية والذي يدخل خزانة الدولة أكبر ما يمكن ومراعاة هذه القاعدة يضمن للضريبة فعاليتها كمورد هام تعتمد عليه الدولة دون ضياع جزء منه من أجل الحصول عليه [ ]
المطلب الثالث : أنواع الضرائب وخصائصها :
تنقسم الضرائب إلى عدة أنواع ، ولكل نوع خصوصيته ، حيث أن الدولة تطبق أنواعا مختلفة من الضرائب وفق شروط محددة في القانون الضريبي ، ويتوقف اختيار نوع محدد من الأنواع على أوضاع المجتمع الاجتماعية والسياسية و الاقتصادية .
I - أنواع الضرائب :
مـقـــدمـــــــة:
تعتبر الضريبة من أقدم وأهم المصادر المالية للدولة نظرا لضخامة الأموال التي توفرها للخزينة العامة للدولة ، وقد تزايدت أهميتها بتزايد حصتها في هيكل الإيرادات العامة وكذا الدور الكبير الذي تلعبه في مجال تحقيق أهداف الدولة السياسية والمالية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية ومن ثم ضخامة آثارها على مختلف مستويات القطاع الإنتاجية والاستهلاكية والتوزيعية .
ومع التطور الذي عرفته الدولة من اقتصاد اشتراكي إلى اقتصاد السوق فقد احتلت الضريبة حيزا كبيرا من الدراسات المالية و الاقتصادية والاجتماعية ، حيث أصبحت موضوع اهتمام رجال الفكر المالي سعيا منهم لإيجاد حلول للأزمات المالية والاقتصادية كما أصبحت أداة من أدوات السياسة المالية للدولة التي تؤثر بشكل مباشر على اقتصاد الدولة ونظرا للأهمية التي تتصف بها الضريبة في مختلف المجالات الجبائية ولكثرة ما تثيره من مسائل تستحق الدراسة أصبح الحديث عن هذا الموضوع علما قائما في كل أقطار العالم والذي هو حديثنا في هذا الفصل ، حيث سنحاول الإلمام بجوانب عديدة تتعلق بها من بينها : التعريف بالضريبة ومبادئها مع ذكر أنواعها واستعراض خصائصها دون إغفال طرق تحصيلها وكذا أهدافها وآثارها الاقتصادية .
فما المقصود بالضريبة ؟ وما هي أهدافها وآثارها الاقتصادية ؟
المبحث الأول: ماهية الضريبة ، أنواعها وأهدافها .
إن تحقيق تنمية اقتصادية شاملة يعني أن هناك جملة من الوسائل والأدوات يجب استخدامها ولعل من أهمها الضريبة (الجباية ) والتي تعتبر الوسيلة المستعملة من طرف كل الدول مهما كان مستواها الاقتصادي .
إذ تستعمل الضريبة كوسيلة للتأثير على الواقع الاقتصادي، حيث تعمل جميع الدول على تكييف سياستها الضريبية من أجل تشجيع المستثمرين وتوجيه مشاريعهم إضافة إلى دورها في زيادة الادخار ونظرا لهذه الأهمية سنتطرق في هذا المبحث إلى نشأة الضريبة ومختلف التعارف و لمفاهيم الخاصة بها ، وكذا مجموعة المبادئ التي تحكم فرضها دون إغفال ذكر الأنواع واستعراض الخصائص مع التطرق أيضا إلى طرق تحصيلها وأهدافها .
المطلب الأول : نشأة الضريبة [ ]
لقد كان يعيش أفراد المجتمع قديما في شكل قبائل ، وكان يتم ذلك دون أن يستلزم نفقات عامة. لكن سرعان ما ظهرت الحاجة المشتركة بين الأفراد في القبيلة الواحدة و القبائل الأخرى كالحاجة إلى الأمن والدفاع و الغذاء وبالتالي استلزم على الزعيم ( رئيس القبيلة ) الاستعانة بالهبات والأموال والتبرعات ، و كان العمل التطوعي الفردي أو الجماعي .
إن تعدد حاجات الفرد و تنوعها أدى إلى ظهور ما يسمى بالحاجة العامة التي لا يمكن لأي فرد تحمل نفقتها لوحده . مما استلزم وجود مجلس القبيلة ، يقوم بتنظيم الحياة داخل القبيلة و تقسيم العمل من أجل توزيع النفقات بين جميع الأفراد، و مع توسع القبيلة و زيادة مهام مجلس القبيلة ظهر مفهوم الدولة كمنظم للحياة الاجتماعية و أصبح من الضروري للدولة تأمين الموارد اللازمة للمحافظة على الأمن و الدفاع عن ممتلكات الأفراد، مما أدى بها إلى فرض تكاليف إلزامية على الأفراد نظير ممارسة بعض المهن أو عبور بعض الجسور أو دخول بعض الأسواق .
ومع تزايد الحاجات المالية للدولة أدى بها إلى فرض ما يسمى بالضريبة غير المباشرة إلى الضرائب المباشرة، وتستند الدولة في ذلك إلى نظرية العقد الاجتماعي للمفكر الفرنسي(جون جاك روسو) و هو ينص على أن أفراد المجتمع يربط بينهم عقد اجتماعي و التالي على الكل أن يوفي بهذا العقد المبرم.
و عليه فإن كل شخص يدفع قيمة الضرائب المستحقة عليه كل حسب مقدرته لقاء الأمن والعدالة و الخدمات التي تقدمها الدولة و دورها في الحياة الاجتماعية و الاقتصادية .
إذ أصبحت من الوسائل المالية العامة التي تعتمد عليها الدولة في تمويل مشاريعها .
أما ظهور المفهوم الحديث للضريبة فكان أثناء الأزمة الاقتصادية سنة 1929 الذي أوجب تدخل الدولة و توزيع نشاطها بزيادة مميزاتها بحيث أصبحت الضريبة أداة فعالة في توجيه النشاط الاقتصادي ، ومن أهم مصادر الإيرادات العامة وكذا وسيلة فعالة للتحكم في مسار الاقتصاد الوطني و توجيهه بما يؤدي إلى إنعاشه و حسن أدائه.
المطلب الثاني : تعريف الضريبة و مبادئها
هناك العديد من التعاريف للضريبة وقد اختلفت هذه التعاريف باختلاف كتاب المالية العامة و المفكرون الاقتصاديون و باختلاف الزوايا التي ينظر إليها كما تجدر الإشارة إلى أنه عند فرض الضريبة يجب مراعاة مجموعة من المبادئ التي تتمثل في الأسس و القواعد التي يتعين على المشرع إتباعها عند وضع أسس نظام ضريبي في الدولة وهذا ما سنتطرق إليه .
1- تعريف الضريبة : في غياب تعريف تشريعي يمكن أن نعرف الضريبة على أنها "مساهمة نقدية تفرض على المكلفين بها حسب قدراتهم التساهمية و التي تقوم عن طريق السلطة ، بتحويل الأموال المحصلة و بشكل نهائي و دون مقابل محدد تحقيق الأهداف المحددة من طرف السلطة العمومية".[ ]
وتعرف كذلك بأنها " اقتطاع نقدي ذو سلطة ، نهائي دون مقابل منجز لفائدة الجماعات الإقليمية (الدولة وجماعاتها المحلية)أو لصالح الهيئات العمومية الإقليمية " [ ]
فالضريبة هي " فريضة مالية يدفعها الفرد جبرا إلى الدولة أو لإحدى الهيئات العامة دون أن يعود عليه نفع خاص مقابل دفع الضريبة ".[ ].
ويعرفها أساتذة الفكر المالي على أنها " فريضة نقدية تقتطعها الدولة ، أو من ينوب عنها من أشخاص القانون العام من أموال الأفراد جبرا وبصفة نهائية وبدون مقابل ، وتستخدمها لتغطية نفقاتها والوفاء بمقتضيات وأهداف السياسة المالية العامة للدولة ".[ ].
كما ينظر إليها على أنها "اقتطاع نقدي جبري نهائي يتحمله المكلف ويقوم بدفعه بلا مقابل لمقدرته على الدفع مساهمة منه في الأعباء العامة أو لتدخل الدولة لتحقيق أهداف معينة "[ ] ، وفي تعريف آخر لها فهي " مبلغ من المال تقوم بجبايته الدولة جبرا من الأفراد بهدف تحقيق الصالح العام دون أن يرتبط ذلك تحقيق نفع خاص لدافع الضريبة " [ ].
ويمكننا إعطاء التعريف العام للضريبة على النحو التالي :
" هي اقتطاع مبلغ من المال يلزم الأفراد بشكل إجباري دفعه للسلطات العامة بدون مقابل وفقا لقواعد مقررة من أجل تغطية أعباء الدولة و السلطات الجهوية "[ ].
2- مبادئ الضريبة : ويقصد بالمبادئ التي تحكم فرض الضريبة مجموعة من القواعد والأسس التي تعتبر بمثابة دستور عام ضمني يهتدي به . وتخضع له القاعدة القانونية للضريبة وهي قواعد ذات فائدة مزدوجة فهي تحقق مصلحة المكلف من جهة ومصلحة الخزينة العمومية من جهة أخرى ، فعلى الدولة احترام هذه القواعد وعدم الإخلال بها لأن الإخلال بها يعتبر تعسف الدولة في فرض الضرائب، ويعتبر الاقتصادي آدم سميث أول مجموعة متماسكة من القواعد في كتاب ثروة الأمم والتي لا تزال تحتل مكانا في علم المالية المعاصرة وهذه القواعد هي :
أولا: قاعدة العدالة : لقد وضعت هذه القاعدة قيد العمل للقضاء على الامتيازات التي كانت سائدة في الأنظمة السياسية القديمة أين كانت بعض الطبقات المخصوصة معفاة من دفع الضرائب "[ ].
وقد بين آدم سميث هذا المبدأ بقوله " يجب أن يساهم رعايا الدولة في النفقات الحكومية وفقا لمقدرتهم النسبية بقدر الإمكان ، أي بنسبة الدخل الذي يتمتع به كل منهم في حماية الدولة " .
فآدم سميث يقرر أن مساهمة كل فرد من رعايا الدولة في النفقات العامة يجب أن
تكون تبعا لطاقته ومقدرته وأن خير مقياس لقدرته هو مقدار دخله ، ولذا فهو يرى أن فرضية
الضرائب يجب أن تنصب على الدخل لا على رأس المال كما أنه يقرر بالضريبة النسبية[ ].
وفي هذا الشأن فقد ذهب علماء المالية أول الأمر إلى تصور العدالة على أنها تعني وجوب الأخذ بنسبة الضريبة أي أن تكون النسبة المقتطعة من المادة الخاضعة للضريبة دخلا أو ثروة واحدة وذلك مهما بلغ مقدار هذه المادة باستثناء جان باست ساي فقد رأى أن الضريبة النسبية عاجزة عن تحقيق العدالة حيث أنها تحمل الفقير عبئا أكبر مما تحمله للغني ، وأن الضريبة التصاعدية هي ضريبة عادلة ، حيث تكون مساهمة الفرد في النفقات العامة للدولة وفقا لمقدرته التكلفية[ ]. ونتيجة لذلك فقد اتجه علماء المالية في العصر الحديث إلى التخلي عن فكرة الضريبة النسبية والاتجاه إلى الأخذ بفكرة الضريبة التصاعدية فيتم فرض الضريبة بنسبة تتغير مع تغير قيمة الوعاء أو المادة الخاضعة للضريبة ، وأضافوا إلى ذلك أن العدالة تقتضي ضرورة تطبيق مبدأ العمومية الشخصية والمادية ، فالعمومية الشخصية تعني أن تفرض الضريبة على كافة المواطنين الخاضعين لسيادة الدولة أو التابعين لها سياسيا وإقتصاديا والأجانب المقيمين فيها ومواطنيها في الخارج على حد السواء ، أما العمومية المادية فتعني أن تفرض الضرائب على كافة الأموال والعناصر المادية سواء كانت دخولا أو ثروات [ ]
ثانيا : قاعدة اليقين ( الوضوح ): تقتضي هذه القاعدة على نحو ما يذكر آدم سميث أن تكون الضريبة على سبيل اليقين والتجديد وأن تكون معلومة وواضحة دون غموض أو إبهام [ ]وذلك بأن يكون سعر الضريبة ووعاؤها ونصابها وموعد استحقاقها وكيفية جبايتها وكل ما يتصل بها من أحكام واضحا ومعروفا وبصورة مسبقة بالنسبة للمكلفين [ ]والهدف من ذلك أن يكون المكلف متيقنا بمدى التزامه بأدائها بصورة واضحة لا القياس فيها ومن ثمة يمكنه أن يعرف مسبقا موقفه الضريبي من حيث الضرائب الملزم بأدائها ومعدلها وكافة الأحكام القانونية المتعلقة بها [ ]
ويرتبط مفهوم اليقين الضريبي بمفهوم الثبات والاستقرار الضريبي ، فالتحديد الواضح للضريبة يتعارض مع كثرة التعديلات في جوانبها المختلفة كالسعر ، المقدار ، الوعاء والأجل ، ......الخ ، ومن هنا فإن التحديد الواضح للضريبة يقتضي منع إجراء التغييرات أو التعديلات إلا في أضيق الحدود ، ولا شك أن التحديد غير الواضح للضريبة أو كثرة التعديلات غير الضرورية عليها يؤدي إلى الظلم والتحكم والفساد ، وإلى زعزعة الثقة بأعضاء الجهاز الضريبي مما يدفع الممولين ويحفزهم على التهرب الضريبي .
ومن هنا نتأكد أن أهمية قاعدة اليقين وضرورة تطبيقها في المجال الضريبي حرصا على تطبيق مبدأ العدالة الضريبية .وكما يقول الاقتصادي الإنجليزي آدم سميث " إن عدم اليقين في أي نظام ضريبي أشد خطرا من عدم العدالة في توزيع الأعباء الضريبية " .
ومما سبق يتبين أن المقصود بهذا المبدأ هو الحفاظ على حقوق المكلفين ليطمئن لها ولا بد أيضا من استقرار النظام الضريبي حتى لا يثقل عبئها عليه ويفقد ثقته بالدولة [ ]
ثالثا : قاعدة الملائمة في التحصيل ( الدفع ) : تقتضي هذه القاعدة بوجوب تنظيم أحكام الضريبة على نحو يتلاءم مع أحوال المكلفين وييسر عليهم دفعها ، وعلى الأخص فيما يتعلق بميعاد التحصيل وطريقته وإجراءاته [ ]ومراعاة لهذه القاعدة فإن ميعاد تحصيل ضريبة ما يجب أن يكون مناسبا للظروف المالية والمعيشية كأن تكون وقت حصوله أو بعد حصوله على الدخل بوقت قصير على سبيل المثال وقت حصوله على مرتبة مباشرة أو وقت حصاد محصوله الزراعي أو وقت بيع السلعة المصنوعة وذلك لأن الجباية المتأخرة تسبب نوعا من المشقة بالنسبة للمكلف ، ورعاية لمبدأ الملائمة في التحصيل الضريبي تلجأ بعض التشريعات إلى الاقتطاع المسبق للضريبة من بعض أنواع الدخول في وقت تحققها كرواتب الموظفين .
وهو ما يعرف بالاقتطاع الضريبي من المنبع [ ]أما بالنسبة لأسلوب الجباية فإن قاعدة الملائمة تقتضي استخدام أساليب التحصيل الأكثر تناسبا للمكلف والتي لا يشعر معها بوطأة ثقل الضريبة وذلك بتجنب تعسف الإدارة الضريبية في استعمال سلطتها فيما يتعلق بإجراءات التحصيل وتجنب الأساليب التي تؤدي إلى نفور الممولين : كاستعمال ألفاظ الشتم والتهديد والترهيب وغيرها ، وتدعو اعتبارات الملائمة أن تكون القواعد المتعلقة بكل ضريبة متفقة مع طبيعتها الذاتية والأشخاص الخاضعين لها من أجل تجنب العديد من المشاكل التي يمكن أن تثور في حالة مخالفة هذه القاعدة [ ]
رابعا: قاعدة الاقتصاد في التحصيل : ويقصد بهذه القاعدة أن يتم تحصيل الضريبة بأسهل طرق التي لا تكلف إدارة الضرائب مبالغ كبيرة ، خاصة إذا سادت إجراءات وتدابير إدارية في غاية التعقيد ، مما يكلف الدولة نفقات قد تتجاوز حصيلة الضرائب ذاتها .
فيجب الاقتصاد في تكاليف جباية الضرائب بعيدا عن الإسراف والمبالغة في نفقات التحصيل الضريبي[ ].
وهذا يعني أن يكون صافي الإيراد من الضريبة بعد طرح تكلفة الجباية والذي يدخل خزانة الدولة أكبر ما يمكن ومراعاة هذه القاعدة يضمن للضريبة فعاليتها كمورد هام تعتمد عليه الدولة دون ضياع جزء منه من أجل الحصول عليه [ ]
المطلب الثالث : أنواع الضرائب وخصائصها :
تنقسم الضرائب إلى عدة أنواع ، ولكل نوع خصوصيته ، حيث أن الدولة تطبق أنواعا مختلفة من الضرائب وفق شروط محددة في القانون الضريبي ، ويتوقف اختيار نوع محدد من الأنواع على أوضاع المجتمع الاجتماعية والسياسية و الاقتصادية .
I - أنواع الضرائب :
عرفت المالية العامة أنواعا عديدة من الضرائب وتصنف ضمن مجموعات وفقا لمعايير متعددة ، من حيث المادة الخاضعة للضريبة أو من حيث تعدد الضريبة أو من حيث الوجود و الاستعمال أو من حيث سعر الضريبة .
I .1- من حيث المادة الخاضعة للضريبة : تصنف الضرائب من حيث المادة الخاضعة للضريبة إلى ضرائب على الأشخاص وضرائب على الأموال .
I -1-1 الضرائب على الأشخاص[ ]: يقصد بالضرائب على الأشخاص أن يكون الإنسان ذاته هو محل الضريبة أو وعاء الضريبة فتفرض على الأشخاص بحكم وجودهم في إقليم الدولة بغض النظر عن امتلاكهم للثروة وكان هذا النوع من الضرائب مطبقا عند العرب واليونان ، وكان الملزم بها رب الأسرة حيث يدفعها عمن يعولمهم من أفراد عائلته والبالغين من العمر 18 سنة إلى 60 سنة والقادرين على العمل .
وضريبة الأشخاص تأخذ شكلين أساسيين : ضريبة موحدة أو ضريبة مدرجة وقد انتشرت ضريبة الأشخاص ( الرؤوس ) الموحدة في المجتمعات القديمة البدائية لكونها تتماشى مع الظروف الاجتماعية و الاقتصادية لتلك المجتمعات ، حيث كان الأفراد متقاربين من حيث الدخول والثروات ولذا كانت تفرض ضريبة بسيطة موحدة على الأفراد فيدفع كل فرد ذات المبلغ الذي يدفعه الآخرون الخاضعين للضريبة .
ومع تقدم المجتمع وظهور الفوارق الاقتصادية و الاجتماعية بين الأفراد دخولهم أصبحت الضريبة الموحدة لا تحقق العدالة المنشودة ، إذ أصبح الأفراد يتفاوتون في مقدرتهم التكليفية ولذا بدأ الاتجاه نحو ضريبة الرؤوس المدرجة ، حيث قسمت المجتمعات إلى طبقات وكل طبقة ملزمة بدفع مبلغ يتوافق ومركزها الاجتماعي و الاقتصادي وبالرغم من أن الضريبة المدرجة تبدو أكثر عدالة من الضريبة الموحدة إلا أنها ناقصة ، فالطبقة الواحدة تدفع نفس المبلغ مع أن دخول أفراد هذه الطبقة غير متساوية فهي لا تعتد بالمقدرة التكليفية للأشخاص .
I -1-2 الضرائب على الأموال : تتخذ هذه الضريبة الأموال كأساس لها في فرض الضرائب ، حيث تعتبر أكثر ترجمة لمقدرة المكلف على الدفع وهي تختلف من شخص إلى آخر تبعا لاختلاف المقدرة المالية بين الأفراد ولهذا فهي تمتاز في سهولة احتساب المعيار الذي تفرض على أساسه الضريبة كما أن هذه الأموال إما أن تكون رأس مال أو دخل .
ورأس المال هو مجموع ما يمتلكه الأفراد من قيم استعمال في لحظة زمنية معينة ، أما الدخل هو كل ما يحصل عليه الفرد بصورة دورية منتظمة على نحو مستمر من مصدر معين [ ] ، إلا أنه مع بداية النصف الأخير من القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين انتقل وعاء الضريبة من الثروة إلى الدخل لعدة أسباب نذكر منها [ ]:
- تحول الاقتصاد العيني إلى اقتصاد نقدي يتلاءم مع المستجدات الاقتصادية السائدة
- القيود التي فرضت على حق الملكية تمثلت في شكل تنظيم علاقات استئجار للأراضي و المباني للأغراض السكنية مما أدى إلى تناقص أهمية الثروة العقارية .
- تزايد أهمية الدخل الناتج عن العمل الذي أصبح يعتبر كمقياس للقيمة .
لهذه الأسباب أصبح الدخل بصورة أصلية هو معيار المقدرة التكليفية التي تمثل الوعاء الأساسي للضريبة و إن كانت الثروة و رأس المال يمكن الارتكاز عليها في بعض الحالات الاستثنائية .
I – 2 – من حيث تعدد الضريبة :
نميز نوعان ضريبية الوحيدة و الضريبة المتعددة.
I -2-1- الضريبة الوحيدة : عرف نظام الضريبة الموحدة خلال القرنين 17 و 18م. حيث كانت الدولة تقوم بفرض ضريبة واحدة فقط في مجال معين إلى جانبها بعض الضرائب القليلة و الضئيلة الأهمية [ ] و قد أخذ الطبيعيون بفكرة الضريبة الموحدة على الأرض باعتبارها أصل الثروات وأساسها وأن ملاك الأراضي هم الفئة الوحيدة التي تنتج إيرادا صافيا، و من ثم فمن الغير المجدي أن تفرض الضريبة على دخول الطبقات الأخرى بمعنى أي ضريبة على هذه الطبقات يعني أن الملاك الزراعيين هم الذين يتحملون عبئها في النهاية. و ما يلعب على الضريبة الوحيدة أنها لا تتوافق مع الأوضاع اقتصادية المعاصرة و توسع الأنشطة الاقتصادية.
و من هنا كان لزاما على الدولة التوسع في فرض الضرائب و تنوعها لإثراء خزينتها بمداخيل ضريبية أوسع لتغطية نفقتها العامة.
I -2-2- الضريبة المتعددة : و هي التي تفرض على عدة نشاطات يقوم بها الفرد، حيث تتخذ كوعاء لها داخل كل نشاط على حدا. كما أن نظام الضريبة المتعددة يفرض الضرائب بأسعار معتدلة لا يسعر المكلف بعبء ها و من ثم فلا يفكرون في التهرب منها و هذه الضريبة تتماشى مع التطور الاقتصادي. كما أنها تساهم في زيادة الحصيلة النهائية لموارد الدولة بسبب تعدد أوجه النشاط الاقتصادية إلا أنها صعبة التنظيم و مكلفة من حيث نفقات التحصيل [ ] .
I – 3 – من حيث الوجود و الاستعمال :
و هنا تنقسم الضرائب إلى نوعين مباشرة و بعد هذا التقسيم من أهم تقسيمات الضرائب على أن الضرائب المباشرة و غير مباشرة هي التي تفرض على الدخل و الثروة،
I .1- من حيث المادة الخاضعة للضريبة : تصنف الضرائب من حيث المادة الخاضعة للضريبة إلى ضرائب على الأشخاص وضرائب على الأموال .
I -1-1 الضرائب على الأشخاص[ ]: يقصد بالضرائب على الأشخاص أن يكون الإنسان ذاته هو محل الضريبة أو وعاء الضريبة فتفرض على الأشخاص بحكم وجودهم في إقليم الدولة بغض النظر عن امتلاكهم للثروة وكان هذا النوع من الضرائب مطبقا عند العرب واليونان ، وكان الملزم بها رب الأسرة حيث يدفعها عمن يعولمهم من أفراد عائلته والبالغين من العمر 18 سنة إلى 60 سنة والقادرين على العمل .
وضريبة الأشخاص تأخذ شكلين أساسيين : ضريبة موحدة أو ضريبة مدرجة وقد انتشرت ضريبة الأشخاص ( الرؤوس ) الموحدة في المجتمعات القديمة البدائية لكونها تتماشى مع الظروف الاجتماعية و الاقتصادية لتلك المجتمعات ، حيث كان الأفراد متقاربين من حيث الدخول والثروات ولذا كانت تفرض ضريبة بسيطة موحدة على الأفراد فيدفع كل فرد ذات المبلغ الذي يدفعه الآخرون الخاضعين للضريبة .
ومع تقدم المجتمع وظهور الفوارق الاقتصادية و الاجتماعية بين الأفراد دخولهم أصبحت الضريبة الموحدة لا تحقق العدالة المنشودة ، إذ أصبح الأفراد يتفاوتون في مقدرتهم التكليفية ولذا بدأ الاتجاه نحو ضريبة الرؤوس المدرجة ، حيث قسمت المجتمعات إلى طبقات وكل طبقة ملزمة بدفع مبلغ يتوافق ومركزها الاجتماعي و الاقتصادي وبالرغم من أن الضريبة المدرجة تبدو أكثر عدالة من الضريبة الموحدة إلا أنها ناقصة ، فالطبقة الواحدة تدفع نفس المبلغ مع أن دخول أفراد هذه الطبقة غير متساوية فهي لا تعتد بالمقدرة التكليفية للأشخاص .
I -1-2 الضرائب على الأموال : تتخذ هذه الضريبة الأموال كأساس لها في فرض الضرائب ، حيث تعتبر أكثر ترجمة لمقدرة المكلف على الدفع وهي تختلف من شخص إلى آخر تبعا لاختلاف المقدرة المالية بين الأفراد ولهذا فهي تمتاز في سهولة احتساب المعيار الذي تفرض على أساسه الضريبة كما أن هذه الأموال إما أن تكون رأس مال أو دخل .
ورأس المال هو مجموع ما يمتلكه الأفراد من قيم استعمال في لحظة زمنية معينة ، أما الدخل هو كل ما يحصل عليه الفرد بصورة دورية منتظمة على نحو مستمر من مصدر معين [ ] ، إلا أنه مع بداية النصف الأخير من القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين انتقل وعاء الضريبة من الثروة إلى الدخل لعدة أسباب نذكر منها [ ]:
- تحول الاقتصاد العيني إلى اقتصاد نقدي يتلاءم مع المستجدات الاقتصادية السائدة
- القيود التي فرضت على حق الملكية تمثلت في شكل تنظيم علاقات استئجار للأراضي و المباني للأغراض السكنية مما أدى إلى تناقص أهمية الثروة العقارية .
- تزايد أهمية الدخل الناتج عن العمل الذي أصبح يعتبر كمقياس للقيمة .
لهذه الأسباب أصبح الدخل بصورة أصلية هو معيار المقدرة التكليفية التي تمثل الوعاء الأساسي للضريبة و إن كانت الثروة و رأس المال يمكن الارتكاز عليها في بعض الحالات الاستثنائية .
I – 2 – من حيث تعدد الضريبة :
نميز نوعان ضريبية الوحيدة و الضريبة المتعددة.
I -2-1- الضريبة الوحيدة : عرف نظام الضريبة الموحدة خلال القرنين 17 و 18م. حيث كانت الدولة تقوم بفرض ضريبة واحدة فقط في مجال معين إلى جانبها بعض الضرائب القليلة و الضئيلة الأهمية [ ] و قد أخذ الطبيعيون بفكرة الضريبة الموحدة على الأرض باعتبارها أصل الثروات وأساسها وأن ملاك الأراضي هم الفئة الوحيدة التي تنتج إيرادا صافيا، و من ثم فمن الغير المجدي أن تفرض الضريبة على دخول الطبقات الأخرى بمعنى أي ضريبة على هذه الطبقات يعني أن الملاك الزراعيين هم الذين يتحملون عبئها في النهاية. و ما يلعب على الضريبة الوحيدة أنها لا تتوافق مع الأوضاع اقتصادية المعاصرة و توسع الأنشطة الاقتصادية.
و من هنا كان لزاما على الدولة التوسع في فرض الضرائب و تنوعها لإثراء خزينتها بمداخيل ضريبية أوسع لتغطية نفقتها العامة.
I -2-2- الضريبة المتعددة : و هي التي تفرض على عدة نشاطات يقوم بها الفرد، حيث تتخذ كوعاء لها داخل كل نشاط على حدا. كما أن نظام الضريبة المتعددة يفرض الضرائب بأسعار معتدلة لا يسعر المكلف بعبء ها و من ثم فلا يفكرون في التهرب منها و هذه الضريبة تتماشى مع التطور الاقتصادي. كما أنها تساهم في زيادة الحصيلة النهائية لموارد الدولة بسبب تعدد أوجه النشاط الاقتصادية إلا أنها صعبة التنظيم و مكلفة من حيث نفقات التحصيل [ ] .
I – 3 – من حيث الوجود و الاستعمال :
و هنا تنقسم الضرائب إلى نوعين مباشرة و بعد هذا التقسيم من أهم تقسيمات الضرائب على أن الضرائب المباشرة و غير مباشرة هي التي تفرض على الدخل و الثروة،
والضرائب الغير المباشرة هي التي تفرض على الإنفاق و الإنتاج و التداول القانوني للأصول.
I – 3 –1 الضرائب المباشرة : هي التي تقتطع مباشرة من الدخل أو رأس المال المكلف، « و تنصب مباشرة على ذات الثروة» و أشهر أنواعها الضرائب على الدخل و الضرائب على رأس المال [ ]
أ الضرائب على الدخل:
تعتبر من أفضل أنواع الضرائب عدالة و مرونة لأنها ترتكز على المقدرة الحقيقة
للمكلف المتمثلة بدخله من مختلف المصادر ومما لا شك فيه أن هذا النوع من الضرائب يعتبر مصدر هام من مصادر تمويل الموازنة العامة و توجيه النشاط الاقتصادي، و باعتبار أن ضرائب الدخل ذات طبيعة تصاعدية فهي تساعد على إعادة توزيع الدخل بين فئات المجتمع المختلفة، وحتى نتمكن من معرفة أنواع الضرائب المباشرة لابد من معرفة مفهوم الدخل.
تعريف الدخل: الدخل كما عرفه علماء المالية حسب نظرية المنبع (المصدر) هو: " كل ثروة قابلة للتقويم النقدي ويتأثر بصفة دورية من مصدر، يتمتع بقدر من الثبات خلال فترة زمنية معينة.
أما حسب نظرية الإثراء: هو كل زيادة في المقدرة الاقتصادية للمكلف بين فترتين أيا كان مصدر هذه الزيادة سواء اتسمت بالدورية أو لم تتسم بذلك [ ] و عموما يمكن اعطاء تعريف للدخل على أنه : " زيادة النقدية في قيمة السلع و الخدمات التي يستهلكها الشخص في خلال فترة زمنية معينة [ ] ومن هنا يمكننا أن نستخلص عناصر الدخل و هي [ ]
* أن يكون الدخل نقديا أو قابل للتقويم كالرواتب و الأجور.
الدورية، يجب أن تتصف الدخول بصفة دورية كالرواتب التي يحصل عليها الأفراد و الموظفين و يمكن تقسيم الضريبة على الدخل إلى قسمين ، ضرائب تفرض على فروع الدخل وهي ما يطلق عليها الضريبة النوعية على فروع الدخل أو تفرض الضريبة واحدة على مجموع الدخل الذي يحققه الفرد من مصادر متعددة و هي ما يطلق عليها الضريبة العامة على الدخل .
1- الضرائب النوعية على فروع الدخل:
تفرض الضرائب النوعية على فروع الدخل، الدخل المختلفة على أساس مصدر كل الدخل .
وفي هذا النوع تتعدد الأوعية الضريبية التي تفرض على أساسها الضريبة، فالشخص الواحد من الممكن أن يقوم بعدة أنشطة و بالتالي تتعدد الضرائب المفروضة عليه بحسب كل مصدر و يمتاز هذا النوع بتنوع أحكام الضريبة المطبقة بحسب كل مصدر كل دخل وطبيعة من حيث أسلوب تقديره و تحصيله أو سعر الضريبة ذاتها و يؤخذ على هذا النظام أنه يكلف الدولة الكثير من النفقات و إن الحصيلة عادة تكون قليلة بالإضافة إلى عدم إمكان تطبيق نظام الضريبة التصاعدية لعدم اتساع حجم الأوعية الضريبية.
2- الضريبة العامة على الدخل:
وفقا لهذا النظام فإنه تفرض الضريبة الواحدة على مجموع الدخل المكلف، و هو يتميز بالبساطة و قلة النفقات نظرا لعدم تعدد عمليات الربط و التحصيل، وان كان يتطلب في الإدارة المالية قدرا كبيرا من الكفاءة الفنية و الإدارية و المحاسبية فضلا عن ذلك يمكن إدخال الظروف الشخصية للمكلف في الاعتبار الذي يستوجب النظر إلى إجمالي الدخل الذي يحققه، و من ثم إعادة الحد الأدنى اللازم للمعيشة و الإعفاء للأبعاد العائلية، إلا أنه يعاب على هذه الضريبة أنها تشكل عبء ثقيلا على المكلف.[ ]
ب - الضرائب على رأس المال: [ ]
و هي النوع الثاني من أنواع الضرائب المباشرة حيث تصيب هذه الضرائب رأس المال و هو وعاء يتصف بالثبات و عدم تجديد ، حيث يعرف الفكر المالي الحديث رأس المال على انه : « مجموع الأموال التي يمتلكها الشخص في لحظة معينة، سواء كانت أموالا عقارية أو منقولة، مادية أو معنوية تنتج دخلا نقديا أو عينيا أو خدمات أو لا تنتج شيئا».
I – 3 –1 الضرائب المباشرة : هي التي تقتطع مباشرة من الدخل أو رأس المال المكلف، « و تنصب مباشرة على ذات الثروة» و أشهر أنواعها الضرائب على الدخل و الضرائب على رأس المال [ ]
أ الضرائب على الدخل:
تعتبر من أفضل أنواع الضرائب عدالة و مرونة لأنها ترتكز على المقدرة الحقيقة
للمكلف المتمثلة بدخله من مختلف المصادر ومما لا شك فيه أن هذا النوع من الضرائب يعتبر مصدر هام من مصادر تمويل الموازنة العامة و توجيه النشاط الاقتصادي، و باعتبار أن ضرائب الدخل ذات طبيعة تصاعدية فهي تساعد على إعادة توزيع الدخل بين فئات المجتمع المختلفة، وحتى نتمكن من معرفة أنواع الضرائب المباشرة لابد من معرفة مفهوم الدخل.
تعريف الدخل: الدخل كما عرفه علماء المالية حسب نظرية المنبع (المصدر) هو: " كل ثروة قابلة للتقويم النقدي ويتأثر بصفة دورية من مصدر، يتمتع بقدر من الثبات خلال فترة زمنية معينة.
أما حسب نظرية الإثراء: هو كل زيادة في المقدرة الاقتصادية للمكلف بين فترتين أيا كان مصدر هذه الزيادة سواء اتسمت بالدورية أو لم تتسم بذلك [ ] و عموما يمكن اعطاء تعريف للدخل على أنه : " زيادة النقدية في قيمة السلع و الخدمات التي يستهلكها الشخص في خلال فترة زمنية معينة [ ] ومن هنا يمكننا أن نستخلص عناصر الدخل و هي [ ]
* أن يكون الدخل نقديا أو قابل للتقويم كالرواتب و الأجور.
الدورية، يجب أن تتصف الدخول بصفة دورية كالرواتب التي يحصل عليها الأفراد و الموظفين و يمكن تقسيم الضريبة على الدخل إلى قسمين ، ضرائب تفرض على فروع الدخل وهي ما يطلق عليها الضريبة النوعية على فروع الدخل أو تفرض الضريبة واحدة على مجموع الدخل الذي يحققه الفرد من مصادر متعددة و هي ما يطلق عليها الضريبة العامة على الدخل .
1- الضرائب النوعية على فروع الدخل:
تفرض الضرائب النوعية على فروع الدخل، الدخل المختلفة على أساس مصدر كل الدخل .
وفي هذا النوع تتعدد الأوعية الضريبية التي تفرض على أساسها الضريبة، فالشخص الواحد من الممكن أن يقوم بعدة أنشطة و بالتالي تتعدد الضرائب المفروضة عليه بحسب كل مصدر و يمتاز هذا النوع بتنوع أحكام الضريبة المطبقة بحسب كل مصدر كل دخل وطبيعة من حيث أسلوب تقديره و تحصيله أو سعر الضريبة ذاتها و يؤخذ على هذا النظام أنه يكلف الدولة الكثير من النفقات و إن الحصيلة عادة تكون قليلة بالإضافة إلى عدم إمكان تطبيق نظام الضريبة التصاعدية لعدم اتساع حجم الأوعية الضريبية.
2- الضريبة العامة على الدخل:
وفقا لهذا النظام فإنه تفرض الضريبة الواحدة على مجموع الدخل المكلف، و هو يتميز بالبساطة و قلة النفقات نظرا لعدم تعدد عمليات الربط و التحصيل، وان كان يتطلب في الإدارة المالية قدرا كبيرا من الكفاءة الفنية و الإدارية و المحاسبية فضلا عن ذلك يمكن إدخال الظروف الشخصية للمكلف في الاعتبار الذي يستوجب النظر إلى إجمالي الدخل الذي يحققه، و من ثم إعادة الحد الأدنى اللازم للمعيشة و الإعفاء للأبعاد العائلية، إلا أنه يعاب على هذه الضريبة أنها تشكل عبء ثقيلا على المكلف.[ ]
ب - الضرائب على رأس المال: [ ]
و هي النوع الثاني من أنواع الضرائب المباشرة حيث تصيب هذه الضرائب رأس المال و هو وعاء يتصف بالثبات و عدم تجديد ، حيث يعرف الفكر المالي الحديث رأس المال على انه : « مجموع الأموال التي يمتلكها الشخص في لحظة معينة، سواء كانت أموالا عقارية أو منقولة، مادية أو معنوية تنتج دخلا نقديا أو عينيا أو خدمات أو لا تنتج شيئا».
و سنوضح فيما يلي أهم أنواع الضرائب التي تفؤض على راس المال
1- الضريبة الاستثنائية على رأس المال :
و تفرض بناءا على ملكية رأس المال و تهدف إلى التقليل في الفوارق المالية بين الأغنياء و الفقراء، وغالبا ما تتم في الحالات الاستثنائية كالحروب و الكوارث الطبيعية، مما يضطر بالدولة لمواجهة الزيادة في النفقات إلى فرض ضريبة مرتفعة السعر على رؤوس الأموال للحصول على ما تحتاج إليه من إيرادات [ ] وتتميز هذه الضريبة بغزارة حصيلتها الضريبية في وقت قصير لا يتأتى للدولة بالنسبة لأي ضريبة أخرى[ ] ٍ
2- الضريبة على زيادة رأس المال :
تفرض هذه الضريبة على أي زيادة تحدث في قيمة رأس المال سواء كان عقار أو منقولا، ولا يكون لإدارة المالك دخلا فيها، على اعتبار أن تلك الزيادة في قيمة رأس المال لم تحصل نتيجة جهل الممول و إنما بسبب ظروف طارئة غالبا ما تكون ظروف تحسينية وأيضا يبنى على اعتبار التغير الحاصل في الضروف الاقتصادية.
3- ضريبة التركات : [ ]
تعتبر الضريبة على التركات من ضرائب رأس المال لأن وعاء هذه الضريبة تركة المتوفي، كما أنها تفرض في لحظة زمنية معينة عند حدوث واقعة الوفاة و انتقال هذه التركة إلى الورثة و سندها الاعتبارات العدلية بوجوب مساهمة من يملك أموالا لأسباب لا تعود لنشاط ، و إنما نتيجة حدوث ظروف غير عادية كالوفاة.
I – 3 – 2 الضرائب الغير المباشرة :
و هي التي تقتطع بطريقة غير مباشرة من دخل أو رأس مال المكلف، و تنصب على استعمالات الثروة حيث أن الضرائب غير المباشرة لا تنصب على وجود المال و إنما على استعمالاته فهذه الضريبة تتبع الثروة في تنقلاتها و مراحل استعمالها[ ].
و ماهو جدير بالذكر أن الضرائب الغير مباشرة تحتل مكانة بارزة في الأنظمة الضريبية المختلفة لغزارة حصيلتها بإضافة إلى سهولة جبايتها، كما أنها تتناسب مع فكرة العدالة الضريبية[ ]
و من أمثلة الضرائب الغير المباشرة نجد الضرائب الإنفاق، الضرائب على التداول، و الضرائب على الإنتاج و الضرائب الجمروكية.
أ- الضرائب العامة على الإنفاق:
و هي تلك الضرائب التي تفرض على جميع السلع و الخدمات، و هي ما يسمى أحيانا بالضرائب على الاستهلاك و هي تمتاز بأنها تراعي ظروف المكلف المالية وتأخذ بعين الاعتبار ظروف المنتج و التاجر و المستهلك، و قد تفرض هذه الضريبة على مرحلة ما من مراحل إنتاج السلعة أو نفرض ضرائب إجمالية على كافة مراحل الإنتاج التي تمر بها السلعة [ ] .
ب- الضرائب على التداول:
أساس فرضيتها هو انتقال الثروة، فبعد أن يحصل الفرد على دخله فإنه قد يقوم باستهلاك جزء منه و هذا الجزء من الدخل هو الذي يفرض عليه الضريبة عل الاستهلاك. أما الجزء الباقي من الدخل فإما إن يدخره أو يقوم باستثماره أو يقوم بالتصرف بالبيع في الأموال الموجودة لديه إلى شخص آخر، و في كلتا الحالتين فإن المشرع الضريبي يفرض ضريبة على التداول ة وانتقال الأموال بين الأفراد و يطلق عليها الضرائب على التداول، و من أمثلة الضرائب على التداول ضريبة الدمغة و الضريبة على التسجيل[ ] .
1- ضريبة الدمغة : [ ]
تفرض على عمليات تداو ل الأموال التي تتم عن طريق تحرير المستندات كالعقود أو الشيكات أو الكمبيالات و يجري تحصيلها إما بطريق لصق الطوابع الدمغة على الطلبيات أو المحررات أو بطريق استخدام الأوراق المدموغة أو بطريق الختم على الورق الخاص بختم خاص مقبل دفع الرسم للمقرر.
2 - ضريبة التسجيل:
و يطلق عليها مجازا رسوم التوثيق أو التسجيل، و هي تستحق عند إثبات واقعة انتقال الملكية. فالضريبة على التسجيل تدفع عند توثيق التصرفات الناقلة للملكية إثبات حق ما انتقلت إليه. [ ]
جـ- الضرائب على الإنتاج :
و تعني ربط الضريبة على السلعة في مرحلة الإنتاج حيث يستطيع المنتجون نقل
الضريبة إلى المستهلكين عن طريق إضافتها إلى سعر السلعة، و تجري العادة أن يتم ربط الضريبة على السلعة في مراحل إنتاجها النهائية لأن ربطها في مراحل إنتاجها الأولى يؤدي إلى تكرارها، وأيا كانت المرحلة التي تفرض و تحصل فيها الضريبة فإن المنتج هو الذي يقوم بدفع الضريبة و يضيف مقدارها إلى ثمن السلعة أي أن المستهلك هو الذي يتحمل عبئها في النهاية.
و تتصف الضرائب على الإنتاج بعدة صفات ايجابية من أهمها :
– سهولتها بعيدا عن الإجراءات المتعلقة بفرض الضرائب الأخرى.
– غزارة حصائلها نظرا لتعدد و كثرة أوعيتها الإنتاجية و في العادة يفرض هذا النوع الضرائب على السلع المنتجة محليا و بهذا تختلف هن الضرائب الجمركية التي تفرض على السلع المنتجة و المستوردة من الخارج. [ ]
د- الضرائب الجمركية:
تعد من أهم أنواع الضرائب غير المباشرة على الإطلاق و خاصة الضرائب على
استهلاك سلعة معينة، و يرجع ذلك إلى غزارة الحصيلة الضريبية بسبب ضخامة حركة
التجارة الدولية على المستوى العالمي[ ].
و تهدف الضرائب الجمركية إلى تحقيق عدد من الأهداف المالية بقصد زيادة حصيلة الإيرادات العامة وأهداف اقتصادية لتحقيق حماية الصناعات الوطنية و أهداف اجتماعية للحد من استهلاك الكماليات و التشجيع على استهلاك الضروري[ ] و تقسم هذه الضرائب إلى نوعين أساسيين :
ضرائب الاستيراد: و تفرض بمناسبة الدخول السلع الأجنبية إلى داخل حدود الدولة.
ضرائب التصدير: وتفرض بمناسبة خروج السلع الوطنية خارج حدود الدولة[ ]
أما بالنسبة لتحصيل الضرائب الجمركية فإنه يفرق بين نوعين من الضرائب:
1- الضرائب القيمية :
تفرض على القيمة النقدية للسلع المستوردة و تشمل ثمنها وكلفة نقلهاو تأمينها. وتكون عادة بنسبة مئوية من قيمتها و تتسم بالسهولة و الوضوح و المرونة و قلة التكاليف[ ].
2- الضرائب النوعية:
و تفرض هذه الضريبة على أساس تحديد مبلغ معين على كل وحد من وحدات السلعة سواء كانت هذه وحدة قياس أو وزن أو حجم أو عدد. و تتميز بالبساطة و سهولة تحصيلها لأن سعرها يكون ثابتا لا يتغير بتغيير نوعية السلعة، و إن كان يؤخذ عليها أنه غير عادلة. إذ يكون عبئها أثقل على الأصناف الرخيصة من الأصناف الغالية و لذلك عادة ما يتم تقسيم كل نوع من السلع إلى عدة أقسام حسب اختلاف نوعها وجودتها على تفرض على كل قسم ضريبة معينة تختلف عن الأقسام الأخرى. كما أن أهم نقد يمكن أن يوجه إليها هو ثبات حصيلتها الضريبية رغم تغير قيمة السلعة الخاضعة لها[ ] .
I – 4 – من حيث سعر الضريبة :
تقتضي قواعد العدالة الضريبية التنوع في أسعار الضرائب حيث يعرف السعر الضريبي:" بأنه النسبة بين الضريبة في علاقته بوعاء، أي مالها" و لذلك يقتضي التنويع في أسعار الضرائب الأخذ بنظام النسبية بأن يكون السعر نسبة ثابتة من الدخل. أو الأخذ بنظام التصاعد بأن يكون السعر متصاعدا مع تصاعد الدخل و من هنا يمكننا تعريف كل من الضرائب النسبية و الضرائب التصاعدية كمايلي:
1- الضرائب النسبية: تعرف الضربة النسبية :" بأنها التي يكون سعرها ثابتا رغم تغيير المادة الخاضعة لها" و بعبارة أخرى : "فهي التي يكون سعرها بنسبة ثابتة من وعاء الضريبة و مهما كانت قيمة هذا الوعاء". كما تعد الضريبة النسبية غير عادلة كونها تتجاهل الظروف الشخصية للمكلف بها [ ].
2- الضرائب التصاعدية : و هي التي تفرض بأسعار مختلفة باختلاف قيمة المادة الخاضعة للضريبة. بحيث يرتفع سعر الضريبة بارتفاع قيمة المادة الخاضعة للضريبة. و العكس صحيح. كما أن هذه الضريبة تراعي مبادئ العدالة و الظروف
الشخصية لكل مكلف و تستخدم لمعالجة الأزمات الاقتصادية. [ ].
II - خصائص الضريبة :من خلال التمعن في التعاريف المذكورة سابقا يمكننا استخلاص خصائص التالية
II -1- الضريبة ذات شكل نقدي :
يتعلق الأمر باقتطاع نقدي على شكل مبلغ من المال ، و هذا خلافا للنظم الاقتصادية القديمة حيث كانت الضريبة نفرض و تحصل في صورة عينية نظرا لأن الظروف الاقتصادية السائدة آنذاك كانت تقوم على أساس التعامل بالصورة العينية و يظهر ذلك جليا في العصور الإقطاعية ، حيث كان القطاع الزراعي يمثل أهم القطاعات في ذلك الزمن و تما شيا مع تلك الظروف كانت الضرائب تحصل في صورة عينية ، و إذا كانت هذه هي الوضعية الشائعة في ذلك الزمن نظرا لواقع الاقتصاديات و المبادلات العينية و عدم انتشار استعمال النقود[ ].
لكن الأمر قد تطور في العصور الحديثة حيث أنه و يتطور المفاهيم و الأنظمة أمالية تم الكشف عن عيوب السداد العيني للضريبة و من هذه العيوب:
أن الدولة تتحمل تكاليف و نفقات باهظة قد تفوق قيمة الضريبة العينية و منها أيضا أن الضريبة العينية لا تلتزم بعنصر العدالة إذ هي تلزم الأشخاص بتقديم جزء من المحصول دون الأخذ بعين الاعتبار الظروف الشخصية لكل شخص من ناحية نفقة الإنتاج الحقيقية التي يتحملها في إنتاج محصوله و كذلك عدم ملائمة الضريبة العينية للأنظمة الاقتصادية و المالية الحديثة مما أدى إلى ترسيخ المفهوم النقدي للضريبة و أصبحت النقود هي وسيلة و أداة التعامل الأساسية الأكثر انتشار باعتبار أن المعاملات كلها أصبحت تقوم على أساس استخدام النقود سواء في القطاعات العامة أو الخاصة ، و مادامت النفقات العامة تتم في صورة نقدية فإن الإيرادات العامة تحصل كذلك بالنقود ، ومع ذلك فإن هذا لا يعني بشكل مطلق إمكانية تحصيل الضريبة في صورة عينية . كل ما في الأمر أن هذه العملية لا تتم إلا في نطاق ضيق و في الظروف الاستثنائية البحتة، حالة الحروب مثلا [ ]
II -2- الضريبة تدفع جبرا :
الضريبة شكل من أشكال إبراز و إظهار سيادة الدولة فهي تفرض ثم بعد ذلك تحصل عن طريق السلطة أو الإجبار. و يفهم من لفظ الإجبار الأمر المتمثل في إجبار المكلف بالضريبة
من أدائها عبر طرق إدارية، فالضريبة تفرض بطريقة أحادية صادرة من الدولة و تحصل باستعمال الجبر[ ]
و تتمثل الجبرية أيضا في عدم ضرورة مشورة الأفراد أو الحصول علو موافقتهم عند فرضها أو جبايتهم منها و ليس لهم الحق في رفض دفعها أو مناقشة طريقة أو وقت دفعها ، حيث تعتبر فرضية الضرائب عملا من أعمال السلطة العامة و حقا من حقوق الدولة فهي التي تقوم بفرض معدل الضريبة أو سعرها أو مقدار الضريبة الإجمالي و تحديد الوعاء الذي تفرض عليه الضريبة ، كما تحدد موعد دفع الضريبة إلى السلطات الضريبية و كيفية تحصيلها، كما يكون للدولة أيضا الحق في معاقبة المتهربين منهاو تحصيلها منهم بالقوة أو بفرض العقوبات،و بالترغيب و الترهيب[ ]
II -3- تدفع بصفة نهائية :
و يقصد بهذه الخاصية أن الفرد الذي يلتزم بدفع الضريبة إنما يدفعها للدولة نهائيا و لا تلتزم الدولة برد قيمتها إليه بعد ذلك أو تعويضه إياها حتى وإن لم تصدر بقانون، حتى ولو كانت أكثر من قيمتها حتى ولو شعر المكلفون بظلمها، حتى ولو لم تتحقق المصلحة العامة منها ولكن يجوز إلغاؤها عند زوال شروطها.
و هذا ما يفرق الضريبة عن القرض العام الذي تلتزم الدولة برده إلى المكتتبين فيه كما تلتزم بدفع الفوائد المرتبة عن مبلغه[ ]
II -4- الضريبة تدفع بدون مقابل :
و يعني ذلك أن دافع الضريبة لا يحصل على منفعة خاصة به مقابل ما دفعه من نقود
كضريبة، فليس هناك علاقة بين ما يدفعه الأفراد من الضرائب و بين ما يحصلون عليه من منافع آنية من الدولة. بل قد لا يحصلون على أية منافع[ ]. فالفرد يدفع الضريبة مساهمة منه كعضو داخل المجتمع في تحمل الأعباء و التكاليف العامة و المعني به هو لا مقابل الآني، المستعجل، المشروط، و إلا و في الحقيقة و على المنظور البعيد فالأفراد ينتفعون من الخدمات التي تصغها الدولة لصالح فئات الشعب عن طريق مرافقها العامة المختلفة، و خاصة أن الدولة تستعمل حصيلة الضرائب و إيراداتها الأخرى لتسيير هذه المرافق العامة المختلفة ، إلا أن الشخص يتمتع بهذه الخدمات، كالدفاع و الأمن و القضاء ...الخ ليس باعتباره مكلفا بأداء الضريبة بل لكونه عنصرا و فردا من أفراد المجتمع، و هذه المنفعة ليست حكرا عليه وحده و لكنها تمس كافة المواطنين داخل المجتمع و لذلك لا صلة بين هذا النفع الخاص الذي يحصل عليه رعايا الدولة و بين الضرائب التي يدفعونها لها[ ].
II -5- الضريبة تمكن الدولة من تحقيق النفع العام :
إن تغطية النفقات العمومية هو الهدف الرئيسي للضريبة فبعد أن تحصل الدولة على حصيلة الضرائب بالإضافة إلى غيرها من الإيرادات العامة تقوم باستخدامها في المصاريف الإنفاق العام و من ثم تحقيق منافع عامة للمجتمع بأسره.
و بالإضافة إلى هذا فقد أصبحت الضريبة تستخدم في الآونة الراهنة كأداة للتدخل الاقتصادي
و الاجتماعي للدولة، و لذلك في تحقيق أغراض اقتصادية واجتماعية مختلفة لا شك في نفعها العام.كحماية الصناعة الوطنية بتقرير بعض الأنواع من الضرائب الجمركية، أو تشجيع الادخار و الحد من الاستهلاك لتعبئة الفائض في أغراض التنمية الاقتصادية، و تقليل التفاوت في الدخول بين فئات المجتمع المختلفة[ ] .
المطلب الرابع: طرق تحصيل الضرائب وأهدافها:
و تعني عملية تحصيل الضريبة مجموع العمليات و الإجراءات التي تؤدي إلى نقل دين الضريبة من ذمة المكلف بالضريبة إلى الخزينة العمومية و يتم تحصيل الضرائب بعدة أساليب و يعود اختلاف هذه الأساليب حسب المفكرين الماليون إلى اختلاف العوامل التي يعتمد عليها أسلوب تحصيل الضريبة حيث أن نجاح هذه العملية (التحصيل) يؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة من الضريبة المتمثلة في تغطية النفقات العامة للدولة.
1- طرق تحصيل الضريبة
إن مرحلة تحصيل الضريبة هي المرحلة الأخيرة من المراحل التي تمر بها الضريبة و تعتبر هذه المرحلة مهمة لان الإخفاق في تحصيلها يعتبر ضياع لكل الجهود و التكاليف التي أنفقت من اجل جبايتها حيث يتم تحصيل الضريبة بعدة طرق أهمها.
أ- أسلوب التحصيل الإداري المباشر:
بعد حدوث الواقعة المنشأة للضريبة يتم تحديد مقدار دين الضريبة و تقوم الإدارة الضريبية بإبلاغ دافع الضريبة بمقدار و موعد أو مواعد دفع الضريبة و الخطوات التي يجب أن تتبع في تسديد الدين و يكون الوفاء المباشر لدين الضريبة بدفعة واحدة أو أن يكون الوفاء بعدة دفعات على شكل أقساط وفقا لنص القانوني [ ].
حيث تتولى الإدارة الممثلة في أجهزتها الضريبية بالتحصيل المباشر لها من الأفراد الممولين و إما في مقر الشركات، و المؤسسات نفسها و سواء تم التحصيل من الممولين و مدراء الشركاء أو من قبل ممثلهم من المحامين و المحاسبين. [ ]
ب- أسلوب الدفع المباشر من قبل المكلفين أنفسهم:
هي أن يلتزم المكلف بها يدفعها إلى الإدارة الضريبية من تلقاء نفسه دون مطالبة الإدارة له بأدائها في محل إقامته و هذه الطريقة أكثر شيوعا و تسمى بطريقة التوريد المباشر[ ].
جـ- أسلوب الأقساط:
قد يكون لدى دافع الضريبة تأهيلا و خبرة عالية تمكنه من تقدير الضريبة التي يستحمل عبء دفعها في موعد استحقاقها، و في هذه الحالة يقوم دافع الضريبة بدفع مسبق أقساط مبلغ الضربة و في موعد الاستحقاق تقوم الإدارة الضريبة بتسوية حساب الضريبة و مطالبة دافع الضريبة يدفع بقية المبلغ إذا كانت الضريبة المستحقة أكبر من مقدار المبلغ المدفوع مسبقا كأقساط كما تقوم الإدارة الضريبية برد المبلغ الفائض إذا كانت الأقساط المدفوعة فعلا أكبر من مقدار الضريبة المستحقة.
و أخيرا ربما تقوم الإدارة الضريبية بترحيل المبلغ الفائض لحساب الضريبة عن السنة القادمة[ ].
د- أسلوب الاقتطاع من المصدر:
يكلف المسئول عن جبايتها باقتطاعها من وعائها قبل تسليمه إلى صاحبه ومن ثم يتسلم
المكلف دخلا صافيا مخصوما منه الضرائب المستحقة و عليه تصبح ذمته بريئة من دين الضريبة[ ].
2- أهداف الضريبة :
تفرض الضريبة على الأشخاص من أجل تحقيق أغراض معينة يأتي في مقدمتها الهدف التمويلي باعتبارها مصدرا هاما للإيرادات العامة بالإضافة إلى الأهداف المالية و السياسية و الاقتصادية الأخرى، و قد تطورت هذه الأهداف بتطور دور الدولة.
ففي ظل المالية التقليدية عندما كانت فكرة الدولة الحارسة مهيمنة، كان الهدف من الضريبة هدفا ماليا بحتا أي تحقيق إيرادات للدولة، تستطيع أن تواجه بها نفقاتها المحدودة من اجل تسيير المرافق العامة. أي أن دور الضريبة كان محايدا كدور الدولة في ذلك الوقت بمعنى أنه لا يترتب على فرضها أي أثر في الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية للأفراد فيما يخض توزيع الدخول أو التأثير في قراراتهم الاقتصادية المختلفة التي يجب أن يتم أخذها تبعا للقوى الفاعلة داخل السوق.
لكن مع تطور دور الدولة زيادة أنشطتها و تدخلها في الحياة الاقتصادية بصورة فعالة تطورات أهداف الضريبة. هذا الاقتطاع الإجباري الذي أصبح بمثابة أداة أساسية في يد الدولة لتحقيق أهدافها الاقتصادية والسياسية و الاجتماعية فهي تمثل أداة من أدوات السياسية الاقتصادية ووفق درجة النمو الاقتصادي. إذ يختلف دورها حسب الأيديولوجية و المعتقدات المهيمنة في الدولة. كما أن للضريبة دورا هاما في البلدان النامية بصفة أساسية في تعبئة الموارد الاقتصادية و توجيهها إلى المشروعات التي تحقق أغراض التنمية و لذا فهي تستخدم في تشجيع المدفوعات و التأثير على الميل للاستثمار و توجهه إلى الأنشطة الاقتصادية التي تمثل البنية الأساسية.
و من أهم أهداف الضريبة في العصر الحديث بصورة عامة نجد:
أ- الهدف المالي[ ]:
يراد بالضريبة تغطية مقدار النفقات العامة و هذا هدف مالي و هو الهدف الوحيد للضريبة وفقا للفكر المالي التقليدي حيث أن ما تحققه الضريبة من أهداف اقتصادية و اجتماعية لم تكن أهدافا مقصودة بحد ذاتها. و في الوقت الذي نادى المفكرون التقليديون بضرورة الاقتصاد في النفقات العامة من أجل تخفيف العبء الضريبي على المجتمع أي من أجل أن تكون حصيلة الضريبة أقل ما يمكن. فقد نادى الكتاب المعاصرون بضرورة الاقتصاد نفقات الجباية من أجل أن تكون حصيلة الضريبة التي تذهب إلى خزانة الدولة أكبر ما يمكن.
ب- الهداف الاقتصادية[ ]:
إن الضريبة وفقا للفكر المالي المعاصر يمكن أن تكون ضريبة هادفة ترمي إلى تحقيق الأهداف الاقتصادية في التخصيص و التوزيع و الاستقرار و النمو وذلك من خلال التأثير على الدخل والادخار و الاستثمار و الإنتاج و هكذا نرى أن الضريبة كأداة مالية يمكن أن تلعب دور هاما في:
1- إعادة تخصيص الموارد الاقتصادية: من خلال تشجيع الدولة لبعض فروع النشاط الاقتصادي فإذا استهدفت الدولة مثلا القطاع الصناعي أو بعض فروعه وقامت بإعفاء تلك النشاطات من الضرائب كليا أو جزئيا أو تخفيفها، فهذا يؤدي إلى نمو و تطور ذلك الفرع من النشاط الاقتصادي و يترتب على هذا إعادة تخصيص الموارد الاقتصادية و تحقيق إنتاج أعلى.
و هذا ما فعله المشروع العراقي بإعفاء ضربي كامل للإيرادات في القطاع الزراعي وإعفاء ضريبة جزئية من بعض فروع القطاع الصناعي كالصناعات الناشئة.
كما يمكن أن تستعمل الضريبة كذلك لمنع حصول تكتل و تمركز و اندماج الشركات لأن لذلك سيقود إلى الاحتكار الذي يؤدي إلى سوء تخصيص الموارد إلى البطالة. حيث تقوم الدولة في هذه الحالة بفرض الضريبة على مراحل الإنتاج بهدف رفع التكلفة ومنع قيام الاحتكارات.
2- تحقيق الاستقرار الاقتصادي في حالتي الركود و التضخم: ففي حالة الركود و الكسار يمكن استخدام السياسة المالية التوسعية للوصول بالاقتصاد إلى مستوى التشغيل الكامل. وأن هذا يمكن أن يتحقق بتخفيف الضريبة وزيادة الإعفاءات من الضرائب. أما في حالة التضخم فإن السياسة المالية المطلوبة هي سياسة مقيدة و يمكن في هذه الحالة زيادة معدلات الضرائب و تقليل الإعفاءات الضريبية ، وهذه تنعكس في الحد من الاستهلاك القومي، وترتب على هذا في نهاية المطاف توازن الطلب الكلي مع العرض عند مستوى التشغيل الكامل.
3- تحقيق هدف النمو الاقتصادي: أي الزيادة المؤوية في الإنتاج، ولما كانت مصادر النمو الاقتصادي تتأتى من الزيادة في الموارد الاقتصادية و التغيرات التكنولوجية، وأن تأثير الضريبة على نمو الموارد الاقتصادية و على التغيرات التكنولوجية سينعكس في نمو الإنتاج. و عليه يمكن تكون الضريبة وسيلة لزيادة معدلات النمو السكاني، و ذلك من خلال تشجيع النسل و هذا يعني زيادة القوة العاملة مستقبلا و كما هو الحال في البلدان الاسكندينافية و معظم الدول أوروبا، التي تتميز بمعدلات نمو سكاني منخفض جدا. و من الأنماط الضريبة المستخدمة هناك على سبيل المثال: إعفاء بعض الدخول بنسبة تتضاعف مع تصاعد عدد الأولاد في العائلة.
و كما استخدمت الضريبة كوسيلة لزيادة عنصر رأس المال العمل يمكن أن تستخدم كوسيلة لزيادة عناصر رأس المال، فتخفيض الضرائب على الودائع في صناديق الادخار أو الضريبة على الاستثمارات أو الإعفاءات.
الضريبية على العوائد من السندات التنمية، سيؤدي إلى زيادة الادخار القومي ومن ثم الاستثمار القومي أي زيادة في رأس المال القومي.
ب- الأهداف الاجتماعية[ ]:
حيث يمكن استخدام الضريبة لتحقيق أهداف اجتماعية كإعادة توزيع الدخل والثروة، وذلك بالحيلولة دون تكتل الثروات بأيدي القلة من أنوار المجتمع و معالجة أزمات السكن و تطورات الزيف و محاربة عض الظواهر الغير المرغوب فيها أي أن الضريبة تستخدم في:
1- إعادة توزيع الدخل القومي: ففرض ضريبة تصاعدية على الثروات الكبيرة و التركات و الدخول و السلع سيحدد من تكتل الثروات بيد القلة من أفراد المجتمع و هم في الغالب أفراد الطبقة الغنية، و بذلك يقل التفاوت في الدخول و يتبعه توزيع الدخل و الثروة نحو
المساواة.
2- تطوير المجتمع: و في هذا السياق نرى أن الدول تستخدم الضريبة كوسيلة لأحداث التطورات الاجتماعية. و مثال ذلك الضرائب المفروضة على الزراعيين الغائبين عن الملكية في ريف نيوزلندا، يهدف إجبار المليين على العودة و السكن في الريف و يترتب على هذا أعمار الريف و تطوره وارتفاع مستواه الاجتماعي.
3- معالجة أزمات المجتمع: إذ يمكن استخدام الضريبة لتحقيق هدف هو حل أزمة السكن، فإذا فرضت الضريبة عالية على المساكن الشاغرة و تلك الشاغرة جزئيا فإن ذلك يؤدي إلى دفع مالكي هذه العقارات إلى الإسراع في تأجيرها و إشغالها من أجل تفادي دفع ضرائب عالية. و يترتب على ذلك توفر خدمات السكن ولربما يقود إلى حل كلي أو جزئي لأزمة السكن.
4- الأهداف السياسية: و يتمثل هذا الهدف في جانبيين أساسيين:
أحدهما داخلي و الآخر خارجي فداخليا تعتبر الضريبة كأداة في يد السلطة الحاكمة
أو بعض القوى الاجتماعية المسيطرة سياسيا في مواجهة الطبقات الاجتماعية الأخرى
و هي بذلك تحقق مصلحة القوى المسيطرة على حساب فئات الشعب.
أما على المستوى الخارجي فتعتبر الضريبة كأداة تستعملها الدولة من أجل تسهيل المعاملات التجارية مع بعض الدول عن طريق منع التسهيلات الجمركية كالإعفاءات وتقديم بعض لامتيازات الضريبة.
كما يمكننا استعمالها للحد أو مقاطعة منتجات وسلع دول أخرى كرفع الرسوم الجمركية من أجل تحقيق أغراض سياسية.
المبحث الثاني: مفهوم النظام الضريبي
المطلب الأول: تعريف النظام الضريبي
يمكن تعريف النظام الضريبي: " بأنه ذلك الهيكل المنفرد بملامحه و طريقة عمله لتحقيق
أهداف المجتمع. و هو بذلك الإطار الذي تعمل بداخله مجموعة من الضرائب التي يراد باختبارها
و تطبيقها بتحقيق أهداف السياسية الضريبية" كما أن المفكرون الاقتصاديون و علماء المالية يرون بأنه في مجال الضريبة يوجد له مفهومين : مفهوم واسع و للآخر ضيق.
فيعرف في المفهوم الواسع: " بأنه مجموعة العناصر الإيديولوجية والاقتصادية و الفنية التي يؤدي تركيبها الر وجود كيان ضريبي معين. وذلك الكيان الذي يمثل الواجهة لنظام. و الذي تختلف ملامحه في المجتمع رأسمالي عنها في مجتمع اشتراكي. كما تختلف صورته في مجتمع متقدم اقتصاديا عن صورته في مجتمع متخلف.
أما في مفهومه الضيق فيعرف: " بأنه مجموعة القواعد القانونية و الفنية التي تمكن من الاستقطاع الضريبي في مراحله المتتالية من التشريع إلى الربط و التحصيل.
ومن خلال ما ذكرناه سابق نجد أن النظام الضريبي يقوم في مفهومه الواسع على ركنين رئيسيين هما : الهدف و الوسيلة.
فبالنسبة للهدف نجد أن الدولة هي التي تحدد نظامها الضريبي يرمي إلى تحقيق أهدافها التي تحددها فلسفتها السياسية و يعلى ما قد يطرأ على هذه الأهداف من التغيرات.
أما بالنسبة للوسيلة فنجد أن هذا الركن ينطوي في النظام الضريبي بمعناه الواسع على إيجاد الوسيلة أو مجموعة الوسائل اللازمة لتحقيق هدفه. و تقوم هذه الوسائل على عنصرين: عنصر فني و آخر تنظمي بحيث يشكل هذان العنصران معا ما سبق أن أطلقنا عليه " النظام الضريبي بمعناه الضيق système fiscale أو الكيان الضريبي. [ ]
المطلب الثاني: خصائص النظام الضريبي:
من خلال تعريف موريس باسلي للنظام الضريبي و المتضمن مايلي:
" النظام الضريبي هو مجموعة الإجراءات التي تتخذها السلطات العمومية بغية تغطية نفقاتها عن طريق الضرائب".
فإنه من منطلق هذا التعريف يحاول الإجابة عن هذه الأسئلة التالية:
- أي الضرائب أولى بالاهتمام.
- ماهي الفئات التي يجب أن تتحمل كبر ضريبي.
- ماهو مقدار الجباية اللازم لتغطية النفقات العامة.
أن الأستاذ موريس يرى أن النظام الضريبي في أي دولة يظم مجموعة من الضرائب المباشرة و غير المباشرة. غير أن السيادة فيه تكون عادة لمجموعة معينة من الضرائب[ ].
ومن هنا نجد أن هناك مجموعة من الخصائص أو السمات التي تميز النظام الضريبي عن غيره من النظم الضريبية، سواء كان ذلك في الدول المتقدمة أو الدول النامية، يرجع ذلك الاختلاف الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية السائدة في هذه الدول.
و بالنسبة للدول النامية نجد أن نظامها الضريبي يتميز بمايلي:
- انخفاض في الحصيلة النهائية للضريبة حتى أنها لا تزيد في المتوسط عن 15 % من الدخل القومي في حين أنها تصل في العديد من الدول المتقدمة إلى ما يزيد عن 30 % من الدخل القومي. و لعل السبب في انخفاض الحصيلة الضريبية يرجع إلى:
أ- انخفاض الدخل القومي من هذه الدول بسبب عدم اكتمال نمو قطاعات الإنتاج مما ينعكس على انخفاض الدخل الفردي و زيادة نسبة الإعفاءات الضريبية.
ب- سيادة القطاع الزراعي الذي يعاني من مشاكل متعددة على القطاعات الإنتاجية الأخرى مما يعني عدم إمكانية فرض ضرائب على هذا القطاع و بالتالي انخفاض الحصيلة العامة للضرائب.
جـ - محدودية القطاع الصناعي و بدائيته بالإضافة لسيطرة الشركات الأجنبية التي تحصل على إعفاءات ضريبية كبيرة من أجل تشجيعها على الاستثمار.
- يتصف النظام الضريبي في هذه الدول [بأنه غير متوازن حيث تسود الضرائب غير مباشرة و التي تبلغ نسبة حصيلتها 60% - 80 % من الحصيلة العامة للضرائب.
- ضآلة أهمية الضرائب المباشرة كضرائب الدخل و رأس المال. و ذلك بسبب تدني الدخول و انتشار الفقر. و عدم قيام المشاريع الاستثمارية الكبرى التي تتحمل الإقتطاع الضريبي.
- صعوبة التحصيل الضريبي و انتشار التهرب الضريبي، و ذلك بسبب قلة الوعي الضريبي و انخفاض كفاءة الإدارة الضريبية[ ].
- أما في البلدين المتقدمين فتحتل الضرائب المباشرة المركز الأول.
أما الفئات التي يجب أن تتحمل العبء الضريبي فهي فئة الأشخاص الطبيعية و المعنوية الحائزة على أكبر قدر من الأرباح و المداخل. كما نجد أن هناك عدة طرق ووسائل مستخدمة من أجل التحصيل الضرائب.
و نذكر على سبيل المثال : طريقة الحجز من المنبع و طريقة التحصيل المباشر أما مقدار الجباية اللازم لتغطية النفقات العامة فيكون حسب الطاقة الضريبية للمجتمع، فيستلزم على كل دولة تحديد مدى قدرة جماعة على تخصيص جانب من داخلها لتمويل هذه النفقات[ ].
المطلب الثالث: أهداف النظام الضريبي:
إن الواقع الاقتصادي و الاجتماعي لبلد معين من جهة و نظامها الضريبي ، ومن جهة أخرى : علاقة تبادلية واضحة، فدراسة الاقتصاد و الأوضاع الاجتماعية، و الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها الدولة يمكن من تفهم الكبير من القواعد الضريبية. و اختيار صور الفنية الملائمة و تشكيل النظام الضريبي الذي يضمن حصول الدولة على الإيرادات اللازمة و تحقيقها لأهدافها المختلفة لذلك هناك اختلاف بين الأنظمة الضريبية من بلد لآخر حسب الفلسفة الاقتصادية الإستراتيجية يأخذ بها المجتمع و درجة تقدمه و كيفية تنظيمه.
وسنتطرق إلى الهداف حسب النظام الضريبي المطبق في الدول مما يلي :
أ- هدف النظام الضريبي في الدولة الرأسمالية المتقدمة: [ ].
طلب الدولة الرأسمالية مدة طويلة تحرص على اتخاذ موقف حيادي اتجاه النشاط الاقتصادي، فلم يكن يعنيها التدخل للحد من عدم المساواة في الظروف الاقتصادية و الاجتماعية بين أصحاب عوامل الإنتاج لذا كانت تكتفي من الضريبة بالاستعانة بها كمجرد أداة مالية تمكنها من الحصول على موارد تكفي لتمويل الإنفاق العام الذي كان يستهدف اشباع الحاجات العامة بحيث كان كيانها الضريبي هدف إلى محاولة تحقيق كل من وفرة الحصيلة وعدالة توزيع العبء الضريبي بما يتطلبه من اقتصاد في نفقات الجباية وملائمته لكل من المكلف و الإدارة الجبائية.
و قد أدى عجز النظام الرأسمالي عن مواجهة الأزمة الاقتصادية عام 1929 و عدم كفاية الإجراءات المحدودة التي اتخذتها الدول الرأسمالية لدرء أخطار الأزمة و الحيلولة دون وقوعها إلى إمعان هذه الدول في سياسة التدخل في النشاط الاقتصادي.
ولذلك اتجهت الدول الرأسمالية بالضريبة إلى وظائف جديدة استجابة لمقتضيات تطور النظام الرأسمالي وأصبح للضريبة مفهوما معاصرا يقوم على اعتبارها إحدى المصادر الرئيسية للتمويل ووسيلة فعالة تمكن الدولة من التدخل في الحياة الاقتصادية و الاجتماعية. و توجيه النشاط الاقتصادي على نحو معين.
و حقيقة الأمر أن المفهوم المعاصر للضريبة لم يستبعد كلية المبدأ التقليدين للضريبة. وهما وفرة الحصيلة و العدالة، وان كان قد أضاف إليهما مبدأ جديدا ألا و هو التدخل الذي أثار التساؤل عن دوره في الصراع التقليدي بين المبدأين السابقين.
و في اعتقادنا أن مبدأ التدخل الذي يقوم عليه المفهوم المعاصر للضريبة لا يتعارض مع مبدأ وفرة الحصيلة و العدالة نتيجة عدم اشتراط وجوه الصراع أو تعارض بين كل من الهداف الاجتماعية و الاقتصادية و الأهداف المالية للضريبة التي تهدف أساسا إلى تعديل الهيكل الاجتماعي، إنما تهيئ للدولة في نفس الوقت الفرصة لتحقيق حصيلة ضريبة لا بأس بها والدليل على ذلك أن الضريبة الدخل التصاعدية في انجلترا و التي تحقق أهدافا ذات طبيعة اجتماعية و اقتصادية، و إنما تهيئ في الوقت نفسه موردا رئيسيا لتمويل الخزينة العامة.
ب- هدف النظام الضريبي في الدول الرأسمالية المتخلفة: [ ].
لعل من أهداف النظام الضريبي في الدول الرأسمالية المتخلفة تنمية إمكانية الادخار و الاستثمار بفرض الضرائب التي تحد من الإنفاق الاستهلاكي الزائد و تهيئة الظروف للتنمية بقصد زيادة معدل النمو الاقتصادي على نحو يحقق زيادة متوسطة الدخل الفردي في هذه الدول إلى يقرب من مستواه في الدول المتقدمة. كما يهدف النظام الضريبي في هذه الدول إلى تحقيق التخصص الأمثل الموارد الاقتصادية الذي يمكن من تنفيذ المشروعات التي تتضمنها برامج التنمية وكذا الحد من موجات التضخم التي تصاحب عادة عمليات التنمية بما يرتبط بها من تعديل في هيكل توزيع الدخول لغير صالح الدخول الثابتة و الصغيرة.
كما تستعين الدولة بالضرائب المتخلفة لتوزيع مكاسب النمو الاقتصادي، وفقا للهيكل الذي تحدده لذلك، و الذي يختلف أبعاده من مجتمع لآخر بحسب الأسلوب المتبع لتحقيق النمو، ووفقا للفلسفة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية السائدة فيه في كل ذلك تتشكل أهداف النظام الضريبي في هذه الدول المختلفة وفقا لظروف الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي من ناحية ، و بحسب اتجاهات برامج التنمية فيها في ناحية أخرى.
جـ- هدف النظام الضريبي في الدول الاشتراكية: [ ].
تتخذ النظم لاشتراكية من الضريبة أداة مرنة من أدوات التوجيه الاقتصادي من ناحية، و أداة من أدوات الرقابة على الإنتاج، ومقياسا كفايته من ناحية أخرى فضلا عن أن طبيعة وعاء الضريبة في هذه الأنظمة ليست البتة من شاكلة طبيعة وعائها في النظم الرأسمالية، فوعاء الضريبة هنا مال جماعي بينما وعاء الضريبة هناك مال فردي. الأمر الذي يجعل للضريبة في الدول الاشتراكية مفهوما بمضامين تغاير مضامين مفهومها في الدولة الرأسمالية، وليس بخاف مدى مالتباين مفهوم الضريبي على هذا الأساس من صدق في تحديد هدفها. ولعل ذلك يفسر مانطوت عليه الضريبة من أهمية ثانوية في إطار الفكري الاشتراكي على اعتبار أنها تتضمن ضمنيا شرعية الدخول الخاصة، وأن تحليل النظام الضريبي و محاولة صلاحه ودراسة الضريبية كأداة لتدخل الدولة. إنما تندرج ضمن نطاق الدراسات الرأسمالية. و لذلك نجد القليل منها في كتابات ماركس وانجلز ومن تبعهما فقد رأى كارل ماركس أن أحداث تغيير جوهري في العلاقات الاجتماعية لا يمكن أن يتحقق سوى بإجراء ثوري عام تقصر الضريبة على أن تكون أداة لتحقيقه.
المطلب الرابع: أنواع أنظمة الإخضاع للنظام الضريبي [ ]:
إن أهم عملية في تحصيل الضريبة هي تحديد الوعاء الضريبي للموضوع الذي تفرض عليه الضريبة من دخل أو إيواء، فهو العملية التي بموجبها تحدد أدارة الضرائب المبلغ الواجب الدفع و من أجل الوصول إلى ذلك لابد 03 خطوات ضرورية أساسية و هي :
1- اختيار أساس فرض الضريبة : أي الشكل الملموس للمادة الخاضعة للضريبة .
2- التعرف على المناسبة التي تفرض فيها الإدارة .
3- تحديد المادة الخاضعة تحديدا ماديا وكميا.
و لقد حدد المشرع الجزائري أنظمة للإخضاع و أنظمة تحديد الوعاء في ثلاث أنظمة و هي : 1- النظام الجزافي 2- النظام المراقب 3- النظام الحقيقي .
1- النظام الجزافي : و هو عقد بين المكلف و إدارة الضرائب، و يبرم لمدة سنتين انطلاقا من إقرار المكلف و الظواهر الخارجية لتحديد رقم الأعمال ، وهذا النظام يطبق على المكلفين بالضريبة الذين لا يزيد رقم أعمالهم الثري عن 2500000دج إلا إذا كان الأمر يتعلق بالتجار الرئيسيين و المكلفين بالضريبة الذين لا يزيد رقم أعمالهم السنوي من 120000دج إذا تعلق الأمر بالخدمات .
- صنف التقنيين: خبراء المحاسبة و المحاسبين المعتمدين .
المهندسين المعماريين: - الأعوان التجاريين – المصورين – و كلاء التأمين و المؤمنين الاحرا – المستشارين القانونيين و الجبائيين – الوكلاء و الممثلين المستقلين
2- النظام الحقيقي : يطبق هذا النظام على الأشخاص الطبيعيين و المعنويين الخاضعين للضريبة على أرباح الشركة مهما كان رقم أعمالهم و التي تكتسي مشاطا في شكل قانوني للأشخاص الخاضعين للضريبة على الدخل الإجمالي الخاص بالأرباح التجارية و الصناعية و التي يفوق رقم أعمالها :
- 300000دج إذا كان النشاط مخالف للخدمات
- 150000دج إذا كان النشاط مؤدي للخدمات
إن هذا النظام يأخذ بعين الاعتبار التصريحات المقترحة بمعاني من طرف المكلفين، و تعمل الإدارة على تحقيق من صحة التصريحات و استدعاء المكلف لبعض الاستفسارات لإدارة الضرائب. حق الاطلاع على السجلات و الدفاتر التجارية. هذه الطريقة تحقق أكبر قدر من العدالة لما توفرها من إمكانيات تشخيص الضرائب و عدالة توزيع عبئها. و لا نجاح هذه الطريقة يتوقف على ما يتمتع به من وعي ضريبي و هو نتيجة للوعي الوطني و الاجتماعي و للثقة بالدولة و جهازها الإداري ، كما يتوقف بالدرجة الثانية على كفاءة الجهاز و نزاهته و تحسس الموظفين بواجباتهم على المكلفين الخاضعين للنظام الحقيقي. الاكتتاب قبل الفاتح من أفريل من كل سنة، تصريح خاص يتضمن مبلغ ربحهم الصافي للسنة المالية السابقة إلى مفتش الضرائب التابع لمكان ممارسة نشاطهم، بحيث عليهم مسك محاسبة منتظمة طبقا للقوانين و التنظيمات المعمول بها.
إذا كان نشاط المكلفين ينتمي في آن واحد إلى الصنفين المعددين أعلاه لا يطبق النظام الجزافي إلا إذا كان رقم الأعمال السنوي لا يتعدى 120000دج، و العمليات المستثناة من هذا النظام:
- البيع بالجملة
- البيع التي يقوم بها وكلاء البيع
- إيجار العتاد أو مواد الاستهلاك الدائمة ما عدا الحالات التي تكتسي فيها طابعا ثانويا و ملحقة بالنسبة لمؤسسة صناعية أو تجارية.
– العمليات التي يقوم بها مقاولي الأشغال :
2- النظام المراقب : يخضع هذا النظام المداخيل المحققة من قبل أصحاب المهني الحرة ولقد حددها المشرع الجبائي انطلاقا من الطابع الفكري الغالب على هذه المهنة من جهة، و من جهة أخرى تطبيق المعارف العلمية الشخصية و هو ما يقضي هذه الفئة و أصحاب المهن الحرة. من صنف الإجراء و التجار.
1- خصائص لمهن الحرة : تتميز المهن الحرة بالخصائص التالية:
- الطابع الفكري : لا يستطيع صاحب المهنة الحرة ممارسة المهنة إلا باستعانة بالعمل التصوري و الفكري.
- مهنة مستقلة: يظهر اصل هذه الخاصية في تسمية هذه المهنة بالحرة حيث أن صاحب هذه المهنة يمارس نشاطه بكل حرية. و عليه فهو غير مرتبط بأي عقد التبعية.
مساهمة شخصية: لا يمكننا اعتبارها مهنة ما مهنة حرة إلا إذا كان صاحبها يمارسها بصفة شخصية، دون الاستعانة بشخص آخر يتصف بنفس الصفة يسعى لنفس الغاية.
2- أصناف المهن الحرة :
- صنف المهن الطبية: الجراحون ، الأطباء ، القابلات ، أطباء الأسنان، البياطرة .
صنف المهن القضائية: المحامي ، المدافعين القضائيين، محا فظي البيع والمزايدة .
المبحث الثالث: الآثار الاقتصادية المباشرة للضرائب
تنشأ الآثار الاقتصادية المباشرة للضرائب بعد استقرار عبء الضريبي على مكلف معين. و اختلفت الآثار بشأن تحديد هذه الآثار على وجه الدقة فقد ذهب بعض الاقتصاديين إلى القول بأنه بالرغم من عبء الضريبة قد يكون ثقيلا على المكلف بها فإن هذا قد يدفع إلى زيادة الإنتاج بكافة الطرق الممكنة لتعويض الجزء المقتطع من دخولهم كضريبة ، أما البعض الأخر فيرى أن مقدار المبلغ المقتطع من دخل المكلف هو الذي يحدد أثر الضرائب في نشاط الأفراد وإنتاجهم من حيث الكم والكيف.
و في حقيقة الأمر أن آثار الضرائب المباشرة على نمط الاستهلاك و الإنتاج والادخار وغيرها من السلوكيات الاقتصادية ،يتحدد بأمرين أولهما :مقدار مبلغ الضريبة المستحقة وثانيهما : الأوجه التي تستخدم فيها الدولة حصيلة الضرائب.
وبناء على ما ذكرناه سنتناول في ما يلي تأثير الضرائب على الاستهلاك والادخار والإنتاج وتوزيع الدخل و أخيرا على الأسعار .
المطلب الأول : أثار الضرائب على الاستهلاك والادخار [ ]
تتباين آثار الضرائب على الاستهلاك والادخار تبعا لحجم الدخل ونوعية الضرائب المفروضة.
1- آثار الضرائب على الاستهلاك والادخار تبعا لحجم الدخل :
في هذه الحالة يمكننا التمييز الدخول الصغيرة المحدودة وبين الدخول الكبيرة .
فبالنسبة للدخول الصغيرة هي سريعة التأثر بالضرائب المفروضة وتتمتع بحساسية زائدة إزاء الضرائب ، حيث أن هذه الدخول غالبا ما يخصص معظمها للإنفاق على الاستهلاك ولذا فإن التأثير السلبي للضرائب على الدخول الصغيرة بالاقتطاع منها يقلل من ادخارها وبالتالي يقلل من الجزء المحتفظ بها ويساعد على ذلك ارتفاع الميول الحدية الاستهلاكية لفئة الدخول الصغيرة المحدودة .أما بالنسبة للدخول الكبيرة فإن التأثير السلبي للضرائب المفروضة عليها لأن أصحاب الدخول الكبيرة غالبا ما يحافظون على استمرارية وثبات معدلات استهلاكهم فيستمرون في الاستهلاك على حساب الادخار . وبعبارة اشمل فإن آثار الضرائب تتمثل في زيادة الاستهلاك وانخفاض الادخار تبعا لمعيار الدخل .
3- آثار الضرائب على الاستهلاك والادخار تبعا لنوعية الوعاء :
وفي هذه الحالة نميز بين 03 مجموعات من الضرائب وهي :
الضرائب الترفيهية – الضرائب الرأسمالية – الضرائب التصاعدية .
فالضرائب الترفيهية هي الضرائب التي تفرض عادة على السلع ذات الأغراض الترفيهية . ونقصد بها السلع الكمالية وغير الضرورية وغالبا ما تؤدي الضرائب إلى حفظ استهلاكها نظرا لارتفاع أثمانها وعدم الحاجة الملحة إليها وهذا ما يؤدي إلى ارتفاع الادخار وذلك لانخفاض الإنفاق .أما بالنسبة للضرائب الرأسمالية فيقصد بها تلك الضرائب التي تفرض على رؤوس الأموال ، الاستثمارات والمدخرات.
فبالنسبة للضرائب على الاستثمارات والمدخرات نجد مثلا الضرائب على أرباح الأوراق المالية فهي عادة تؤدي إلى خفض الميل للادخار نظرا لأن المدخرين يوازنون بين التضحية التي يتحملونها بحرمان أنفسهم من التمتع بأموالهم في اقتناء الحاجات الاستهلاكية وبين المنفعة المتناقصة من مدخراتهم المحتفظين بها مما يدفعهم إلى زيادة الاستهلاك على حساب الادخار ، فيتناقص ويقل .ومنه فالاستهلاك وإنفاق أموالهم عليه أفضل من الادخار .
أما فيما يخص الضرائب على رؤوس الأموال ، فهي غالبا تدفع من دخول تلك رؤوس الأموال وهي تؤدي إلى خفض الميل للادخار وزيادة الميل للاستهلاك نظرا لعدم تحقيق المنفعة من احتفاظهم برؤوس أموالهم تلك مادامت الضرائب تتناولها بالاقتطاع وهم محتفظون بها .
وأخيرا نصل إلى آثار الضرائب التصاعدية على الاستهلاك والادخار فنجد أن هذه الضرائب تتصاعد مع تصاعد الدخل وبالتالي تكون عالية كلما كانت الدخول عالية .فتقتطع منها مبالغ كبيرة وبالتالي يقل المدخر منها .
المطلب الثاني : أثار الضرائب على الإنتاج[ ]:
إن الزيادة أو النقصان في حجم الإنتاج مرتبط بالضريبة فتؤثر عليه نحو الأحسن أو الأسوأ، فإذا فرضت الضريبة نخفضه على الوحدات المنتجة فسيؤدي إلى انخفاض تكاليف الإنتاج، و تحيق أكبر ربح ممكن وأما إذا فرضت ضريبة عالية على الوحدات المنتجة فسيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج ثم يليه ارتفاع في الأسعار.
و تؤثر الضريبة على الإنتاج من خلال :
- تأثيرها على حجم الإنتاج
- تأثيرها على عوامل الإنتاج
- تأثيرها على الاستثمار.
1- أثار الضرائب على حجم الإنتاج: تمارس الضرائب تأثيرها على حجم الإنتاج الكلي بطريق مباشر طريق غير مباشر
فبالنسبة للتأثير المباشر: يكون من خلال التأثير في معدل الربح المتحقق من العمليات الإنتاجية ، فإذا استطاع المنتجون أصحاب رؤوس الأموال نقل عبء الضريبة المفروضة على منجاتهم إلى المستهلكين في شكل زيادات في أثمان في منتجاتهم فإن آثار الضرائب على حجم الإنتاج الكلي سيكون إيجابيا. حيث يزيد الإنتاج و يتضاعف و تفسير ذلك أن المنتجين سيضاعفون من استثماراتهم و سيزيدون من التوظيف رؤوس أموالهم في حقول الإنتاج. أما في الحالة المقابلة إذا لم يستطع المنتجون تحويل عبء الضرائب المفروضة على منتجاتهم إلى المستهلكين فإن آثار الضرائب على حجم الإنتاج الكلي سيكون سلبيا. حيث سيحاول المنتجون خفض إنتاجهم و خفض توظيف أموالهم في عملياتهم الإنتاجية.
أما بالنسبة للتأثير الغير المباشر: على حجم الاستهلاك يؤدي إلى إنقاص حجم الإنتاج و تفسير ذلك أنه إذا رأى المنتجون أن الناس لا يقبلون على شراء و استهلاك منتجاتهم ، فإنهم سيقللون توظيف أموالهم في العمليات الإنتاجية مما يقلل من حجم الإنتاج الكلي في السوق.
2- أثار الضرائب على عوامل الإنتاج: إن الضرائب تمثل آثارها على عوامل الإنتاج المتمثلة في رأس المال و العمل.
فبالنسبة لآثار الضرائب على رأس المال فأنها تتوقف إيجابيا و سلبيا على فرص تحقق الأرباح المتاحة للمنتجين. فإذا ترتب على فرض الضرائب زيادة في معدلات الأرباح المتحققة فإن الطلب على رؤوس الأموال يرتفع و بالتالي فإن رؤوس الأموال المعدة الاستثمار و الإنتاج يزيد أيضا مما يؤدي إلى زيادة الحجم الكلي.
أما في الحالة الثانية فالعكس صحيح.
أما بالنسبة لآثار الضرائب على عنصر العمل : فإنها تؤثر إيجابيا على قدرة العمل إذ تحفز العمال على مضاعفة جهودهم و ساعات عملهم فيزيد إنتاجهم، و بالتالي يزيد إنتاج الحجم الكلي.
3- أثار الضرائب على الاستثمار: تؤثر الضرائب على الميل للاستثمار من خلال تأثيرها على معدلات الربح، فيزيد الميل للاستثمار كلما زادت فرص الحصول على الأرباح و قلت الضرائب عليها. إن تقليل الضرائب على معدلات الربح يحفز المنتجين إلى مضاعفة استثماراتهم. مما يرفع عن الكفاية الحدية لرأس المال و يزيد بالتالي من حجم الإنتاج الكلي. ولكن يتوقف أيضا على تحقيق المرونة الكافية في عرض الإنتاج لتلبية الطلب الكلي النقدي المرتفع عليها.
المطلب الثالث: آثار الضرائب على توزيع الدخل[ ]:
يمكن معالجة هذه الآثار من خلال التفريق بين نوعية الضرائب المفروضة و ما إذا كانت ضرائب مباشرة أو غير مباشرة.
فآثار الضرائب المباشرة على توزيع الدخل تكون من خلال كونها ضرائب نسبية أو ضرائب تصاعدية. فالضرائب النسبية لا تأخذ بعين الاعتبار بالعناصر الشخصية في الفرضية و لا تراعي تفاوت القدرات المالية للمولين، ولا تأخذ بعين الاعتبار الأعباء العائلية المعيشية لهم. و لا تفرق بين الأغنياء و الفقراء لأنها تفرض بأسعار ثابتة مهما تغيرت قيمة الدخول . و من هذه الضرائب يكون تأثيرها عنيفا ، وتعتبر أشد عبئا على الممولين الصغار أصحاب الدخول الصغيرة، و لذا فتأثيرها المباشر في توزيع الدخل. إنما يكون الصالح الأغنياء (وأصحاب الدخول الكبيرة) على حساب الممولين الصغار الفقراء. نظرا لشدة التضحية التي يتحملها هؤلاء الفقراء. و بالنسبة للأغنياء ومنه فإن الضرائب النسبية تكرس المساواة في الأنصبة ولكنها لا تكرس المساواة في التضحية، و بالتالي تبقى فوارق التضحية كبيرة بين الأغنياء و الفقراء أما الضرائب التصاعدية فهي تأخذ بعين الاعتبار القدرات المالية الحقيقية للمولين وكذلك بالأعباء الشخصية و العائلية و المعيشية لهم، و تعتبر أخف عبئا بالنسبة للمولين الصغار. لأن الضرائب التصاعدية تتصاعد مع تصاعد الدخل. و تنخفض بانخفاضه و على كل فالضرائب المباشرة تعتبر أكثر عدالة في توزيع الدخل القومي، و الصالح أصحاب الدخول المحدودة و الذين يتحملون ن أعباء عائلية كبيرة، و بالتالي فإذا فرضت هذه الضرائب على رأس المال تكون نسبة الاقتطاع منه كبيرة وخاصة بالنسبة للدخول الكبيرة، و من ثم فهي تقتطع أكثر من الدخول الكبيرة، فتقلل من حدة تفاوت بين الفئات الغنية و الفقيرة . و بالتالي يكون تأثيرها إيجابيا على توزيع الدخل القومي.
المطلب الرابع : آثار الضرائب على الأسعار[ ]:
يترتب على أن الضريبة تقتطع جزء من دخول الأفراد أن تقل الطلب على سلع وخدمات معينة من جانب هؤلاء الأفراد ، و بالتالي يؤدي ذلك إلى انخفاض أسعار هذه السلع، بشرط ألا تتدخل الدولة حصيلة الضريبة في مجال التداول، بمعنى أن تستخدمه الدولة في تسديد قروض خارجية مثلا أو تكوين احتياطي معين. فإن تيار الإنفاق النقدي يقل و بالتالي يقل الطلب و تنخفض الأسعار وخاصة في فترا ت التضخم ، أما في فترات الانتعاش حيث تلجأ الدولة إلى تقليل الاقتطاع الضريبي من دخول الأفراد، رغبة منها في تشجيع الإنفاق ، مما يؤدي إلى حدوث حالة من الانتعاش و زيادة في الطلب الكلي الفعال.
أما إذا استخدمت الدولة تلك الحصيلة في مجال التداول كشراء السلع أو الخدمات أو دفع رواتب العمال أو مبالغ مستحقة للموردين أو المقاولين فإن هؤلاء يستخدمون هذه المبالغ في زيادة الطلب على السلع و الخدمات مما يؤدي إلى عدم انخفاض الأسعار.
و ما هو جدير بالذكر أن أثر كل الضرائب المباشرة و الغير المباشرة على الأسعار ليس واحدا، فكل ضريبة لها تأثيرها في تمن السلعة أو الخدمة التي تفرض عليها وفقا لظروف فرضها.
خلاصة الفصل الأول
حسب ما ذكرناه فان الضريبة هي عبارة عن فريضة نقدية جبرية دفعها يكون بلا مقابل مباشر و نهائي، يخضع لمجموعة من المبادئ و القواعد تتمثل في مبدأ العدالة و اليقين، الملائمة في التحصيل و أخيرا قاعدة الاقتصاد في التحصيل. و الهدف من هذه من هذه القواعد هو التوفيق بين مصلحة الدولة و مصلحة المكلفين أي أنها تحقق مصلحة المكلفين بها من جهة و من جهة أخرى تحقق مصلحة الخزينة العمومية. كما نجدها تنف إلى عدة أنواع و هذا وفقا لعدة معايير. و الدولة تطبق هذه الأنواع وفقا للشروط المحققة في القانون الضريبي.و لكي يتم تحصيل هذه الضرائب فإنها تخضع لمجموعة من العمليات و الإجراءات التي تؤدي إلى نقل دينها من ذمة المكلفين بها إلى الخزينة العمومية.
كما نستخلص أيضا أن الضريبة إلى جانب كونها تمويلة فهي أيضا وسيلة لتحقيق أهداف الدولة الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية.
و لقد اتضح أن كل دولة تختار مزيجا ضريبيا خاصا بها. إذا أن هذه النظم لا تكون شرطا في كل دولة، المهم أن تحقق ما سطرت و خططت لتحقيقه كما نجد أن تطبيق هذه الضرائب و تنفيذها ينجر عنه وقوع عدة آثار التي بدورها تؤثر بصفة مباشرة على النشاط الاقتصادي للدولة، نذكر أهمها تأثيرها على الدخل و الإنتاج و الاستهلاك و الأسعار و الادخار.
و عليه نظرا لأهمية هذا المورد في زيادة تحصيل الإيرادات للدولة فيجب على هذه الأخيرة أن تحافظ عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق