اقتصاد النفط والطاقة

اقتصاد النفط والطاقة

أسعار النفط في السوق الدولية وأبعادها على سياسة الدول

ما هي الأسباب الموجبة لطرح قضية قديمة نسبياً وهي قضية اسعار النفط في السوق الدولية وابعادها
على سياسة الدولة من جديد في البحث جديد؟
 ألا يكفي هذا الكم الكبير مما كتب بمعظم اللغات التي عالجت اسعار النفط بكل جوانبه حتى يظهر بحث  جديد يعالج جانباً مطروحاً من قضية شغلت الرأي العام الدولي طويلا وما زالت تشغله؟
  تلك بعض الأسئلة التي طرحتها على نفسي وأنا أعد هذا البحث لأقدمه للقارئ وكلما تعمقت في القراءة حول الموضوع وجدت نفسي أطرح من جديد الأسئلة واهمها مدى تأثير اسعار النفط بسياسة الدول ؟

والقضايا الرئيسية المطروحة اليوم على الساحة النفطية هي:

أ- تحديد سقف للإنتاج ، يحقق أساساً مصالح الشعوب  المنتجة للنفط ويتوازن مع  حاجاتها والتزاماتها ، لا مع احتياجات الدورة الاقتصادية الرأسمالية ، وتحديد هذا السقف لايمكن أن يتم في الوقت الحالي وتحت الظروف الموضوعية السائدة من خلال رغبة بلد منتج أو مجموعة قليلة من البلدان المنتجة ، بل يتحقق من خلال موقف موحد للدول المنتجة.
ب- الاستخدام الأمثل المداخل النفط من خلال تبني خطط تنموية شاملة توائم بين الحاجة والقدرة ، وتبني قاعدة إنتاجية أساسية يكون القطاع النفطي جزءاً لا يتجزأ منها.
ج- إقامة علاقات دولية متوازنة تعتمد على المصالح  المشتركة  المتبادلة ، وتبتعد عن التهديد والتدخل .
د- اسعار النفط في السوق الدولية وثاتيرها على سياسة البلدن .
  فإذا استطاع هذا البحث أن يضع   بين يدي القارئ صورة ولو سريعة لأشكال عدم التكافؤ في العلاقات الدولية المرتبطة بالنفط ، وإن نجح في وضع حقائق اليوم والمستقبل كما هي وبدون إضافات في هذا اﻟﻤﺠال الواسع ، فقد وفى بهدفه المراد له.
  وتبقى في النهاية قضية لا بد من التنويه بها قبل أن يلج القارئ إلى البحث وهي عادة ما تكون شكلية لدى البعض ، ولكنني هنا أعني كل كلمة منها ، فان هذه المحاولة المتواضعة قد ساعد في ظهورها كما هي مجموعة من الاخوة والأخوات الأفاضل الذين قدموا نصائحهم العلمية ومساعداتهم ، فلهم جميعاً شكري وامتناني.
أسواق النفط واهتمام العالم:
   تشغل أسواق النفط بتقلباتها اهتمام العالم أجمع لتأثيرها المباشر على استمرارية وتكلفة الإنتاج. ستستمر الأسعار في التقلب على المدى القصير بسبب الأوضاع في مناطق الإنتاج وخاصة في المنطقة العربية. تفسر هذه التقلبات ضعف الاستثمارات الجديدة في الأسواق النفطية وتوجهها إلى أسواق أخرى أكثر استقرارا. يحتاج العرض النفطي الدولي إلى استثمارات تتعدى 6% من الناتج العالمي بين اليوم وسنة 2030 حتى يلبى الطلب. هذا ممكن لكنه غير مؤكد، هنالك مؤشرات أسعار نفطية مختلفة، إذ أن سعر البرنت الخام مثلا يرتفع نصف دولار عن معدل سعر الاستيراد لمجموعة الدول الصناعية وينخفض ما بين دولار ودولار ونصف عن سعر غرب تكساس. المطلوب المزيد من الفعالية والتخفيف من الكثافة النفطية في الإنتاج والاستهلاك. تعتمد توقعات الأسعار على التقييم الصحيح لدرجة نمو الاقتصاد الغربي، على كثافة استعمال النفط في الإنتاج، على مدى توافر السلعة مستقبلا خارج مجموعة (الأوبك) كما على حجم الطلب العالمي عليه، يزيد الطلب العالمي على النفط سنويا بنسب تتدنى مع الوقت، أي لا تتعدى ثلث زيادة الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، من المتوقع تبعا لوكالة الطاقة الدولية  أن يبلغ حجم الطلب اليومي على النفط حوالي 120 مليون برميل في حلول عام 2030. ستأتي الزيادة الكبرى في الطلب من أميركا الشمالية بالتزامن مع زيادات متوقعة كبرى من آسيا وخاصة الصين، بينما تنخفض كثافة الاستعمال النفطي في الدول الغربية ترتفع في نفس الوقت في الدول الناشئة والنامية ربما باستثناء الصين. تقع زيادة الطلب خاصة في قطاع النقل. بالرغم من تدني الكثافة النفطية في الآليات والسيارات والطائرات وغيرها، زاد عددها كما زاد استعمالها للسفر والتنقل المحلي والدولي. استطاعت الدول الغربية امتصاص زيادة أسعار النفط في اقتصادها بنجاح إذ أنها لم تنعكس بقوة على المؤشرات التضخمية، كما أن تأثير ارتفاعها على الإنتاج كان محدودا بسبب تركيز الاقتصاديات الصناعية على تخفيف كثافة السلعة النفطية في الإنتاج. لم تنجح مجموعة الدول الغربية بنفس الدرجة إذ أن كثافة الاستعمال النفطي الياباني تعادل مثلا نصف الكثافة الأميركية بسبب نمط الحياة الأميركية المرتكزة على الاستهلاك والتنقل والسفر علما أن التكنولوجيا والتشريعات متقاربة في الدولتين. لا شك أن الضرائب المرتفعة على النفط ساهمت في تنشيط البحث والتطوير لزيادة فعالية استعماله في الإنتاج والاستهلاك. سيستمر اعتماد الاقتصاد العالمي وخاصة الغربي بقوة على النفط، إذ لا بديل واقعي عنه حتى اليوم (يتوزع عرض الطاقة الأولية حاليا على 39% للنفط، 26% للفحم و23% للغاز ولن تحصل تغيرات كبرى حتى سنة 2030). سيزيد الاعتماد الدولي على مجموعة الدول المصدرة للنفط (أوبك) كمصدر للسلعة بسبب توافر الاحتياطي الكبير في باطنها . من المتوقع أن تستمر أسعار النفط مرتفعة في العقد الحالي أو ترتفع قليلا مما يساهم في زيادة الحجم الاقتصادي والمالي (لأوبك). فالنفط ليس المادة المعدنية الوحيدة التي ارتفعت أسعارها منذ سنة 2003، إذ أن الذهب ارتفع بنسبة 52% والألومينيوم بنسبة 68% والزنك (212%) والفضة (141%) والنحاس (184%) وغيرها. هنالك عوامل مشتركة تحرك هذه المواد المعدنية بالاتجاه نفسه وان يكن بنسب مختلفة. لزيادة أسعار النفط الأخيرة تأثيرات ايجابية كبرى على الاقتصاديات المنتجة، فأحسنت إنفاق الإيرادات وادخرت قسما كبيرا منها. نمت الاقتصاديات المصدرة للنفط سنويا بنسبة 7% في فترة 2003 – 2005 مقارنة بـ 4% فقط في فترة 1999 \ 2002 بسبب القرارات الاستثمارية الجديدة الصائبة والمتنوعة، بقيت المؤشرات التضخمية معتدلة جدا ولم ترتفع أسعار الصرف الحقيقية كما كان يحصل في الماضي، استطاعت أكثرية الدول المنتجة معالجة موضوعي عجز الميزان التجاري والموازنة عبر سياسات مناسبة ذات أهداف مركزة، هنالك إذا نقلة نوعية في السياسات الاقتصادية المتبعة من قبل الدول المنتجة. في الماضي وتبعا لدراسات متعددة كانت تنفق الإيرادات المالية الإضافية على الاستهلاك وربما التبذير، أما اليوم فتذهب إلى الاستثمارات المدروسة لرفع الإنتاجية في كل القطاعات، ترغب الدول الغربية في أن تستثمر الدول النفطية في اقتصادياتها بحيث تستعيد ما أنفقته على النفط المستورد، إلا أن التجاوب مع هذا التمني ما زال خجولا بسبب رغبة الدول النفطية في الاستثمار في اقتصادياتها الداخلية. لا شك أن للاقتصاديات المصدرة للنفط الأولوية في إنفاقها الاستثماري ثم تأتي الدول النامية وبعض الناشئة التي تعاني من المشاكل الصحية والاقتصادية والإنسانية.
سياسة النفط في الاقتصاد العالمي:
    تلعب سياسة النفط دورا رئيسيا في الاقتصاد العالمي . فعلي النفط يقع عاتق إنتاج الطاقة سواء الطاقة الكهربائية أو مستخلصات النفط كالبنزين و الديزل التي تسيّر المواصلات والسيارات. وقد لاحظنا خلال أزمة البترول عام 1973 والمقاطعة العربية كيف عانت الدول الصناعية من قلة البترول الذي من دونه يتوقف إنتاج المصانع وحركة المرور والمواصلات . حتى أن بعض الدول المتقدمة صناعيا لجأت إلى سياسة منع سير السيارات الخاصة أيام عطلة نهاية الأسبوع من أجل توفير جزء من منتجات النفط هي في أمس الحاجة إليه .
وتختلف سياسات الدول بالنسبة إلى تعاملها مع النفط ، ويمكن تقسيم الدول في هذا الإطار إلى جزئين رئيسيين:
1- الدول المصدرة للبترول
    ويقع على عاتق تلك الدول مسؤولية مد الأسواق بالنفط بحيث تستمر عجلات الإنتاج في الدول الصناعية المحتاجة له في الدوران والإنتاج . وفي مقدور تلك الدول الصناعية الغنية دفع أثمان عالية للذهب الأسود ، فصادراتهم من المصنوعات ليست هي الأخرى رخيصة ، وفي وسعهم كمصدرين تحديد سعر منتجاتهم بحيث يعود عليهم بالربح. كذلك يفكر المسؤولون في الدول المنتجة والمصدرة للبترول في البلاد الفقيرة في آسيا وافريقيا والتي لا تستطيع دفع أثمان باهظة لاستيراد النفط ومنتجاته التي تحتاجها . فإذا رفعت البلاد المصدرة للبترول الأسعار كثيرا عانت الدول الفقيرة و عانت شعوبها من هذا الغلاء . وتحاول الدول المصدرة للبترول إيجاد توازن في السعر بحيث لا تعاني شعوب البلاد الفقيرة من غلاء الأسعار. وهم يعلم المسؤولون القيمة الحقيقية للنفط كمصدر للمواد الكيميائية العضوية والتي تنتج العديد من المواد الضرورية والثمينة مثل الأسمدة و مضادات الحشرات  .
2- الدول المستوردة للبترول
وقد غيرت سياستها تجاه الطاقة تغييرا جذريا بعد أزمة 1973 البترولية وما عانته كل بلد منهم على درجات ، فالولايات المتحدة الأمريكية آنذاك لم تتأثر كثيرا من تلك الأزمة فكانت تعتمد على ما تنتجه على أرضها من البترول . أما اليابان و الدول الأوروبية التي لا تحظى إلا بقدر بسيط من آبار النفط في أراضيها فقد تأثر اقتصادها في ذلك الوقت تأثرا سلبيا كبيرا . فقررت الحكومات الأوروبية في ذلك الوقت تنويع مصادر الطاقة وتنويع مصادر شراء البترول والغاز . ولفك ذلك الاعتماد وضعوا قرارات أولا بالاعتماد الكبير على الطاقة الكهربية المنتجة من المفاعلات النووية . ورغم معارضة شديدة من شعوبها بدأت واستمرت في بناء المفاعلات النووية التي تنتج الطاقة الكهربية . و خلال السنوات بين 1975 – 1985 قامت فرنسا ببناء نحو 50 مفاعل نووي، ثم رفعت هذا العدد إلى نحو 75 مفاعلا تعمل الآن بكامل قدرتها . وتمد هذه المفاعلات فرنسا اليوم بنحو 70 % من الطاقة الكهربائية . بنفس هذه الطريقة تصرفت على سبيل المثال اليابان وألمانيا وبلجيكا وغيرهم .
العوامل المؤثرة في اسعار النفط:
في البدء یجب التمییز بین مرحلتین هامتین في مسار أسعار النفط الخام في العالم: الأُولى هي مرحلة ما قبل ظهور منظمة الأقطار المصدرة للبترول ( أُوبك ) عام ١٩٦٠ و جهودها المضنیة لأكثر من عقد من الزمن بعد ذلك لإیقاف تخفیض الأسعار من قبل الشركات النفطیة الكبرى الإحتكاریة العاملة في هذه الأقطار حیث كانت ( الأخوات السبعة) هي التي تملك وسائل الإنتاج و التصدیر من خلال عقود الإمتیازات و كان دور الأقطار المالكة الحقیقیة للنفط یقتصر على دور جابي الضرائب، و الثانیة هي مرحلة تعاظم دور الأقطار المنتجة( الأُوبك ) في السیطرة على لأسعار من خلال التفاوض لزیادتها عام ١٩٧١ وعملیات التأمیم و المشاركة إضافة إلى تصاعد دور الأسواق الحرة و الوسطاء بنهایة السبعینات من القرن الماضي.
   و بدأت العوامل المؤثرة في الأسعار تعمل بصورة طبیعیة في تجارة النفط بالرغم من محاولة الشركات النفطیة الكبرى و من ورائها الدول المساندة لها، و نجاحها أحیاناً، لتسخیر تلك العوامل لصالحها. فكانت و لا تزال التذبذبات في مستوى الأسعار تظهر بشكل مستمر متحدیةً أحیانا العوامل المؤثرة نفسها. و مع ذلك فإن العوامل الحاسمة لم تفقد فاعلیتها في تحدید الأسعار و دفعها إلى الإقتراب من التكافؤ مع القیمة الحقیقیة للنفط الخام.
وهذا  الموضوع الذي یثیر بعض الجدل في الأوساط النفطیة و غیر النفطیة عن أسباب إرتفاع و إنخفاض أسعار النفط الخام و صعوبة إیجاد التحلیل المسلَّم به و الفوري لذلك. فقد تمر ظواهر و أحداث یُتَوَقَعُ أن تؤثر على الأسعار فلا یحصل شيء أو یحصل العكس، و كما تتغیر الأسعار دون ملاحظة أسباب واضحة.
 هنالك عوامل كثیرة تؤثر في تحدید مستوى الأسعار المستخدمة في تجارة النفط الخام عالمیاً نوجز الأهم منها في ما یأتي:
.1 العرض
     یعتمد العرض من أنواع النفوط الإعتیادیة في العالم على الإحتیاطیات المثبتة و تطورها في الدول المنتجة المعروفة و إكتشاف المزید من الإحتیاطیات النفطیة في هذه الدول أو في مناطق أُخرى من العالم و كمیات إستخراج النفط من هذه الإحتیاطیات والطاقات الإنتاجیة و التصدیریة المتاحة و تطورها أیضاً. فكل إكتشاف كبیر لإحتیاطي جدید و زیادة في الطاقات الإنتاجیة و التصدیریة أو تعطلها لأي سبب یؤثر على الكمیات المعروضة من النفط و بالتالي على الأسعار المحددة. و یجدر القول من الناحیة الأُخرى بأن صعود أسعار النفط یوفِّر حافزاً إقتصادیّاً لتطویر و إستغلال الحقول النفطیة المكلفة نسبیّاً خارج مناطق ( الأُوبك ) كما حدث في نهایة السبعینات و بدایة الثمانینات من القرن الماضي مما أجبر ( الأُوبك ) تخفیض إنتاجها لدعم الأسعار. و كما أن ( الذُّروة النفطیة) التي ینذر الخبراء بوصولها قد لعبت دوراً في تصاعد أسعار النفط مؤخَّراً بالرغم من الحفاظ على إنتاج الأوُبك .
٢. الموقع
    الموقع الجغرافي لمنافذ التصدیر لأي نوع من النفوط الداخلة إلى السوق یحدد كلفة النقل من منفذ التصدیر إلى نقطة الإستلام أو الإستهلاك. فكلما قربت منافذ التصدیر من نقاط الإستلام كلما كانت أُجور الشحن أقل مما یقلل من السعر. و هذا ما یجعل منافذ التصدیر في الخلیج العربي و البحر الأبیض المتوسط متمیِّزةً بالنسبة للدول المستهلكة الكبرى في جنوب شرق آسیا و أوربا. و لا یخفى بأن مثل هذه المواقع قد إنقلبت في أوقات الأزمات و الحروب إلى نقمة لمصالح تلك الدول كما حصل في الأعوام ١٩٧٣ و ١٩٨٠ و ١٩٩١ و ٢٠٠٣ مثلاً.
٣. الطلب
   إن الطلب و نمطه على النفوط المعروضة و توقعات تطور السوق النفطیة یعتبر العامل الأساس في إرتفاع أو أنخفاض الأسعار في العالم. فتوسع الصناعة العالمیة المعتمدة على الطاقة النفطیة كما هي أو لتولید الطاقات الأُخرى منها و زیادة وسائط النقل بمختلف أنواعها جوّاً و برّاً و بحراً في العالم كل ذلك یخلق ظمأً شدیداً للنفط .
٤. طاقات التصفیة
  طاقات التصفیة المتاحة و أنماطها و تطورها و تعقیداتها التقنیة في الدول المستهلكة الكبرى هي التي تحدد أسعار المنتجات النفطیة و بالتالي أسعار النفط الخام و إن كانت العلاقة بینهما غیر متوازنة بسبب أنظمة الضرائب المحلیة التي تعمل بمعزل عن القیمة الحقیقیة للنفط الخام أو بالأحرى فإن أسعار المشتقات النفطیة لا تتناسب مع أسعار النفط الخام المصفّى.
٥. الخزین
   إن الخزین من النفط الخام و مشتقاته لدى الدول المستهلكة في أنحاء العالم و تغیر مستویاته إزاء الطلب الآني أو المستقبلي یلعب دوراً كبیراً في أسعار أنواع النفوط المخزونة. و قد أثَّر الخزین المرتفع في الولایات المتحدة الأمریكیة بدایة أیلول من هذا العام ٢٠٠٦ إلى تراجع سعرالنفط بحوالي ١٢ دولاراً عن أقصى ما وصل إلیه منذ أوائل العام نفسه.
٦. التغیرات الموسمیة
    التغیرات الموسمیة الإعتیادیة لها تاثیر قلیل على أسعار النفط لأنها تدخل عادة في حساب الأسعار إلاّ أن التقلبات المناخیة غیر المتوقعة تؤثر على الأسعار بشكل مباشر. و الكوارث التي حدثت مؤخراً كالتسونامي في أندنوسیا و إعصار كاترینة في لویزیانا بالولایات المتحدة الأمریكیة خیر مثال على ذلك.
٧. البدائل
    إقتصادیات مشاریع البدائل المتوفرة أو الممكنة للطاقة النفطیة و سیاسات ترشید إستهلاك الطاقة في الدول الصناعیة كفیلة بأن تثقل أو تخفف من وطأة أسعار النفط، و بالعكس فإن زیادة أسعار النفط في الأعوام 1979 / 1980 و   1973/ 1٩٧4 كانت حافزاً مهمّاً في العمل على إیجاد البدائل للطاقة بصورة عامة و للنفط بشكل خاص. و ما التطورات التقنیة الحاصلة في إنتاج النفط من ) رمال القار ) و(السجیل النفطي ( في تلك الفترة إلاّ دلیلاً لذلك.
٨. التقنیات
    التقنیات الحدیثة في صناعة النفط الإستخراجیة و التحویلیة و تقدمها المستمر في تحسین نمط و أسالیب العملیات النفطیة بمراحلها المختلفة و تخفیض الكلف و زیادة كفاءة إستخلاص النفط من الحقول و المكامن النفطیة تؤدّي إلى التأثیر الإیجابي على مجمل الأسعار أیضاً.
٩. السیاسات
     لا شك بأن لسیاسات الحكومات المنتجة و المستهلكة للنفط و ستراتیجیّاتها دوراً مهماً في صیاغة أسعار النفط. و إن الدول الفاعلة في التأثیر القوي على الأسعار هي الدول المنتجة و الدول المستهلكة الكبرى إضافة إلى سیاسات الشركات النفطیة الكبرى التي لا زالت تسیطر على الجزء الأكبر من تجارة النفط العالمیة.
١٠ . الإقتصاد
    تطور الإقتصاد العالمي و الوضع المالي الدولي یشكلان عاملین مؤثرین على أسعار الطاقة عامة و أسعار النفط خاصة. فالإنتعاش و الركود الإقتصادیین اللذان یتوالیان في العالم بسبب الأوضاع العامة دولیّاً و الخاصة بالدول المستهلكة الكبرى یؤدیان إلى إرتفاع أو إنخفاض في الأسعار.
١١ . البیئة
   التأثیرات البیئیة لصناعة النفط و إستخداماته و مستویات تلك التأثیرات على البشر في بیئته الجویة و البریة و البحریة تؤدّي إلى تحدیدات في مواقع و أنماط العملیات النفطیة مما یؤثر على الكلف و بالتالي على الأسعار. فكم من المشاریع التي قد تضیف طاقات جدیدة لإنتاج النفط أو بدائله أُعیقت بسبب تأثیراتها البیئیة مما أبقت أسعار النفط عالیة و متصاعدة بسبب صد المرونات الممكنة بهذا الشأن.
مراحل اسواق النفط العالمية:
  مرت سوق النفط العالمية بعدة دورات على مدى نصف قرن من الزمن ,شهدت في بعض منها تغييرات اساسية.وعلى الرغم من عدم وجود توافق في الاراء بشأن مسألة التغير الدوري مقابل التغير الهيكلي في سوق النفط خلال السنوات المقبلة،يمكن تقسيم التطورات في سوق النفط مابعد الحرب العالمية الثانية الى عدد من المراحل المتميزة ،وذلك على النحو التالي:
1- فترة مابعد الحرب العالمية الثانية المتميزة بالتوسع السريع (1950-1973) وهي الفترة المرتبطة بتعمير الضواحي في الولايات المتحدة الامريكية ،وبالانتعاش الاقتصادي في اوربا واليابان .وتحول النفط من وقود “امريكي” الى وقود عالمي وذلك خلال الفترة الواقعة مابين عام 1950-اوائل عام 1970 .
2- فترة الاضطراب في سوق النفط العالمية ،والخوف من حدوث خلل في تدفق الامدادات ،ووصول انتاج النفط الى ذروته وارتفاع اسعار النفط بنحو عشرة اضعاف والركود الاقتصادي العالمي وتغير ملكية الموارد النفطية من الشركات النفطية العالمية الكبرى الى البلدان المضيفة .
3- فترة اواخر عام 1970 حتى منتصف عام 1980 التي تميزت بانهيار الطلب على النفط في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ،واعادة ظهور انتاج من خارج منظمة أوبك ،وعدم مقدرة منظمة اوبك على المحافظة على الارتفاع في مستويات الاسعار والابقاء على الحد الاذنى المقبول من حصة السوق .
4- فترة منتصف الثمانيات الى اوائل عام 2000 لم تكن اسعار النفط خلال معظم هذه الفترة مرتفعة جدا بحيث تؤثر سلبا على الطلب النفط وليست منخفضة بالدرجة التي قد تحد من الاستثمارات وابتداء من عام 1986 انهارت اسعار النفط ثم حصلت الزيادة التدريجية في حصة أوبك من السوق النفطية ،وشهدت الطاقة الانتاجية الاضافية انخفاضا في مستوياتها.
5- الفترة 2000-2009 تميزت هذه الفترة بالاهتمام المتزايد بنمو الطلب على النفط في اسيا وخصوصا في الصين وظهور الاختناقات على كامل سلسلة الامدادات النفطية .
6-  العقد القادم :سيتميز بوصول انتاج النفط غير التقليدي من خارج أوبك الى ذورته وبتوقع وصول انتاج اوبك هو الاخر الى اعلى مستوياته.
أسعار النفط في السوق الدولية وثاثيرها في بلدان العربية:
   تعد العوائد المالية من الأمور الحيوية للدولة ، لأنها تؤدي إلى زيادة القدرة الاقتصادية ، التي عندما تبدأ بالفيض فأنها تتحول إلى قوة سياسية بالضرورة ، وتنتهي بالسعي والعمل نحو القوة العسكرية في نهاية المطاف .
إن الأقطار العربية المنتجة للنفط تتميز بأحادية الاقتصاد ، أي تعتمد في إنفاقها الجاري والاستثماري على عائدات النفط ، وهناك علاقة دالية طردية بين و التنمية العربية وبين زيادة عائدات النفط ،لذلك فان هبوط عائدات النفط ينعكس مباشرةً على أداء تلك الاقتصاديات،ومن ثم على حركة الاقتصاد  العربي.
وفي الوطن العربي لم تتطور الصناعة التحويلية بدرجة تكفي لتحويل البنية الاقتصادية تحويلاً متماسكاً ، كمدخل ضروري من مداخل التنمية المرغوبة ، فما زالتا مادتا النفط والغاز في هيكل الصناعة الاستخراجية ، وتصديرها بشكل مادة خام ، تمثلان ملمحاً من ملامح الضعف الجيوبولتيكي في الوطن العربي ، لان تقدم الدول وتطورها في الموازين السياسية والاستراتيجية يعتمد اعتماداً كبيراً على الصناعات التحويلية والمعرفية اكثر من اعتماده على الصناعات الاستخراجية وانتاج وتصدير المواد الخام
وبذلك فان الاعتماد كلياً على الصناعات الاستخراجية اضعف من الاهتمام بالصناعات التحويلية ، هذا من جانب ومن جانب آخر لم تؤدي البرامج الحكومية في الإنماء الاقتصادي إلى خلق روابط قوية بين قطاعي الصناعة الاستخراجية ، والصناعة التحويلية ، باستثناء ما جرى من بعض التعديلات لفروع الصناعات البتروكيمياوية ، وهذا ما نتج عنه ضيق السوق العربية ، وعدم قدرتها على استيعاب كل الإنتاج النفطي .
إن ضيق السوق العربية وعدم قدرتها على امتصاص كل الإنتاج النفطي ، والذي يصدر معظمه بشكل مادة خام ، واعتماد الاقتصاديات العربية على عوائده بشكل رئيس يجعل الاقتصاد العربي واقع تحت رحمة التقلبات في السوق الدولية ، واضطرابات أسعارها والتي ابرز شواهدها تدهور أسعار النفط في نهاية عام 1998 ، والذي وصل سعره إلى اقل من (10) دولارات للبرميل الواحد ، كذلك فان القيمة المضافة التي تنتج من تصنيع المعادن تذهب للدول المصنعة ، والبالغة ستة أضعاف سعر المادة الخام في حالة تصنيعها خارج الحدود السياسية للدولة ، وذلك من خلال تصدير النفط بشكل خام ، ومن ثم استيرادها بشكل مادة مصنعة ، مما يجعل مكونات القيمة المضافة في الصناعتين مرتبطة بالأسواق الخارجة للسلع المصدرة ، لهذا تتعرض هذه الصناعات للتذبذب تبعاً لتغيرات الطلب الخارجي ، خاصة فيما إذا علمنا أن تسعير برميل النفط لم يعد في يد الأقطار المنتجة للنفط ، وانما انتقل إلى أيدي الدول المستهلكة ، ولم يعد هناك في سوق النفط من يبيع بسعر ثابت ، بل أن كل العلميات والصفقات أصبحت مرتبطة بصيغة سعرية  ترتكز على خام برنت أي أن النفط السعودي ، أو الإماراتي ، أو المصري ،عندما تعلن أسعاره يتم حسابه على النحو الآتي :
سعر النفط العربي الخفيف مثلاً يساوي السعر المعلن لخام برنت مضافاً إليه علاوة تقدر بدولار واحد ، وهكذا فان الاحتكارات النفطية العالمية ربطت النفط العربي بحركة سعر النفط المنتج في الغرب ، على الرغم من أن الكمية المستخرجة منه لا تساوي 1/10 من المستخرج في قطر عربي واحد هو السعودية،وهكذا انتقلت بورصة التسعيرة إلى بورصة برنت في لندن.
لقد استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية خلال عقدي السبعينات والثمانينات ان تصفي الجزء الأكبر من الزيادة الحاصلة في أسعار النفط ، فهبوط سعر صرف الدولار كان يماثل من حيث النسبة الارتفاع في أسعار النفط ، كما أسهمت الولايات المتحدة في احتواء الفائض المالي الفعلي العربي وتحويله إلى فائض احتمالي عبر سياساتها الأخرى التي قادتها (وكالة الطاقة الدولية) ، التي استمرت في تنفيذ مهامها الاستراتيجية لاحتواء النفط العربي والتقليل من أهمية النسبية في التأثير في أسواق الطاقة عن طريق تشجيع مصادر الإنتاج غير العربي للنفط،من خلال وضع برنامج للسيطرة على الإمدادات النفطية (وتحويل النفط من سلاح سياسي بيد العرب إلى سلعة سياسية بيد الغرب)،وضبط الأسعار ، إذا ما هبطت (قيمة ) ما تشكله الصادرات النفطية العربية من أجمالي قيمة الصادرات العالمية من(10%) عام 1974 إلى اقل (3%) في عام 1995 ، على الرغم من ان احتياطي النفط العربي ما زال يشكل نسبة (ثلثي) الاحتياطي العالمي ، ويعد الأكبر في العالم بلا جدال.
إن ملامح سياسة الدول الصناعية في تسعير برميل النفط باتت واضحة وجلية على أسعار النفط بعد ان شهدت مرحلة السبعينيات من تغيرات في أسعار النفط من قبل الدولة المنتجة والمصدرة للنفط دون الرجوع إلى الشركات النفطية العالمية العاملة لديها ، واخذ زمام المبادرة إلى أجراء تعديلات في هيكل السقف الإنتاجي للنفط العربي .
لكن منتصف الثمانينيات ومطلع التسعينيات وما تلاه ، ونتيجة لسياسة دول المركز الرأسمالي العالمي الصناعية شهدت أسعار النفط تدهوراً كبيرا ، وعلى الرغم من ذلك لم تسمح الدول الصناعية بتبرير هذا الانخفاض إلى المستهلك النهائي لان كل ذلك سينعكس على زيادة الطلب على النفط ، وبالتالي عودة أسعار النفط للارتفاع .
ان قيمة الصادرات النفطية العربية ، لا تشكل اليوم سوى ما نسبته (22%) من قيمة تلك الصادرات نفسها عام 1980 ، كما كلفت حرب الأسعار (التي امتدت بين الأعوام 1985-1994 ) العرب خسائر مادية في عوائد نفطهم بلغت بحدود ( 335) مليار دولاراً .
ان ذلك يعطي دلائل واضحة ، على ان الميزان التجاري للأقطار العربية النفطية واقع تحت رحمة صادرات النفط وتقلبات أسعارها المرتبطة بالظروف الدولية ، ومعنى ذلك أن أي انخفاض في أسعار النفط ينعكس على العوائد المالية ، ومن ثم ينعكس سلباً على الميزان التجاري للأقطار العربية .
دور العراق المستقبلي في تجارة النفط:
لا شك بأن تجارة النفط في العالم تحكمها الكثیر من العوامل الخاصة بالدولة المصدرة للنفط من جهة و بالسوق العالمیة من جهة أخرى. فالعوامل الداخلیة للدولة المصدرة تتلخص في إمكانیاتها النفطیة العالیة و البنیة التحتیة لصناعتها النفطیة إضافة إلى سیاستها و ستراتیجیتها النفطیة المقررة. أما العوامل الخارجیة المؤثرة فهي تكمن في الظروف الدولیة السائدة و مستوى العرض و الطلب على الطاقة النفطیة و موقع الدولة المصدرة من الأحداث و على الخارطة النفطیة العالمیة. و كما لا یمكن تجاهل سیاسة الشركات النفطیة الكبرى المسیطرة على السوق النفطیة والدول الموردة و المستهلكة للنفط.
یعتمد الدور الذي یمكن أن یلعبه العراق كدولة منتجة و مصدرة للنفط في سوق تجارة النفط في العالم على العناصر المهمة الآتیة:
١. الإحتیاطي النفطي المثبت ( أو القابل للإستخراج ) حالیاً و الإمكانیات المستقبلیة لإضافة المزید منه للتطویر والإنتاج.
٢. نوعیة النفوط المنتجة حالیاً و مستقبلاً و علاقتها بنمط الطلب العالمي من النفط الخام و المشتقات النفطیة إضافة إلى متطلبات الإستهلاك المحلي.
٣. الطاقة الإنتاجیة المتاحة للحقول و المنشآت السطحیة و البنیة التحتیة لنقل و ضخ النفط للتصدیر.
٤. إستخدام التقنیات الحدیثة المتطورة في جمیع مراحل الصناعة النفطیة.
٥. تنوع مواقع منافذ التصدیر و طاقاتها المتاحة و المرونة التسویقیة.
٦. ثوابت السیاسة النفطیة و العلاقة مع الدول و الجهات المستهلكة الرئیسیة للنفط في العالم.
٧. الثقل السیاسي و النفوذ المؤثر في تجارة النفط العالمیة.
٨. الإدارة السلیمة و القاعدة البشریة المؤهلة في صناعة النفط.
   لننظر الآن بشيء من التحلیل الموجز إلى موقع العراق من توفر العوامل الفاعلة، بنفس التسلسل أعلاه، لأخذ دوره الطلیعي في مستقبل تجارة النفط العالمیة كالآتي:
١. رقم الإحتیاطي النفطي العراقي المثبت و المصرح به منذ فترة یقف عند(112 ( بلیون برمیل بینما یقدر الإحتیاطي الممكن و المحتمل أكثر من ذلك،) أي أن إجمالي الإحتیاطي العراقي، بعد إستكمال تحویل الممكن و المحتمل إلى المثبت، قد یصل إلى حوالي ( ٢٥٠ ) بلیون برمیل. و هذا یعني بأن العراق یقع في مقدمة الدول المنتجة و المصدرة للنفط كثاني دولة بعد العربیة السعودیة إن لم یكن موازیاً لها.
٢. إن نوعیة النفوط العراقیة تتراوح بین الخفیفة و المتوسطة و الثقیلة، مع رجحان كفة النوع المتوسط، مما یوسع المجالات التسویقیة لهذه النفوط عند المستهلكین الرئیسیین في أنحاء العالم.
٣. كانت الطاقة الإنتاجیة للعراق بنهایة السبعینات من القرن الماضي قد وصلت إلى ( ٤ ( ملایین برمیل یومیاً و كان من المخطط رفعها إلى ) ٦٫٥ ( ملیون برمیل یومیأ في الثمانینات و إلى أكثر من ذلك ما بعدها. إلاّ أن عوامل كثیرة، منها الحروب و بعض السیاسات النفطیة الخاطئة و تدهور ظروف السوق النفطیة حالت دون تحقیق الخطط مما أبقى دور القطاع النفطي العراقي على مجرد إدامة الطاقة الإنتاجیة بدلاً من توسیعها بالرغم من توفر الإمكانیات المدعومة بالإحتیاطیات الضخمة حیث كانت و لاتزال نسبة إستنزاف المكامن النفطیة واطئة جداً مقارنة بالدول المنتجة الأُخرى.
٤. إن من أهم الأخطاء المستمرة في القطاع النفطي العراقي هي البطء أو بالأحرى التجاهل الكبیر في إدخال التقنیات الحدیثة إلى صناعة النفط الإستخراجیة لدعم تطویر المكامن و رفع كفاءة إستخلاص النفط منها و للعملیات الحقلیة و إدارة العملیات الإنتاجیة. فكان بالإمكان و لا زال تطویر
الإحتیاطي النفطي و زیادة الطاقة الإنتاجیة في نفس الوقت بفعل التحدیث على وفق التقنیات الحدیثة المتقدمة.
٥. أما ما یتعلق بتنوع منافذ التصدیر فلا بد من القول بأن العراق قد أولى إهتماماً متمیزاً في بلورة سیاسة تعدد مواقع منافذه التصدیریة و سعاتها مما جعل المرونة التصدیریة عالیة جداً تستوعب الخطط الطموحة في الدخول إلى السوق النفطیة بقوة و فاعلیة كبیرتین. و إن الطاقات التصدیریة منذ نهایة الثمانینات من القرن الماضي تتمثل بالآتیة:
١- المنفذ الشمالي للخط العراقي/التركي على البحر المتوسط = ١٫٦ملیون برمیل یومیّاً.
٢- المنفذ الغربي للخط العراقي/السوري على البحر المتوسط أیضاً = ١ملیون برمیل یومیّاً.
٣- المنفذ الجنوبي الشرقي على الخلیج العربي = ٣٫٢ ملیون برمیل یومیّاً.
٤- المنفذ الجنوبي الغربي عبر السعودیة على البحر الأحمر = ١٫٥ملیون برمیل یومیّاً.
مما یجعل الطاقة الكلیة المتاحة لمنافذ التصدیر للعراق = ) ٧٫٣ ( ملیون برمیل یومیّاً، إلاّ أن أكثر من ٦٨ % منها معطلة الآن.
٦. لم تستطع السیاسة النفطیة العراقیة في السابق إختراق سوق تجارة النفط بشكل فاعل لصالحه، و إن الظروف الحالیة تسهم في الإرباك الكبیر و عدم الوضوح الذین یعیقان التعامل النفطي المؤثر مع العالم.
٧. لا یمكننا التحدث عن الثقل السیاسي و النفوذ العراقیین تحت الظروف الحالیة، و لكن العوامل التي ذكرناها آنفاً سیسهم مستقبلاً في نموهما الكبیر إن أُتیحت لتلك العوامل أن تتبلور.
٨. لا یمكن إخفاء الحقیقة بإن صناعة النفط في العراق تعاني منذ فترة لیست بقصیرة من عدم الإهتمام بالإدارة الحدیثة المتطورة سواء على المستوى الفني التقني أو الإداري الصرف، و إن القاعدة البشریة المؤهلة فیها یتناقص بشكل مستمر نوعیّاً رغم تزاید العدد. و إن إمكانیة توفیر الكادر النفطي المؤهل في العراق كبیرة و كفیلة بإعادة الصناعة النفطیة العراقیة إلى المسار الصحیح.
   صحیح بأن العوامل المؤثرة التي ذكرناها متلازمة مع بعضها، إلاّ أن العامل الأول المتعلق بحجم الإحتیاطي النفطي هو الأساس في تحدید الدور الذي سیلعبه العراق في تجارة النفط الدولیة. و إن مصداقیة قولنا بأن العراق یمكن أن یأخذ الموقع الثاني إن لم یكن الأول ، و إن ما مطلوب الآن و في المستقبل القریب هو تفعیل العوامل الأُخرى . و عندئذٍ سیتجَلَّى دور العراق المتمیز في تجارة النفط العالمیة.
الخاتمة:
    النفط كمادة خام حيوية للبشرية يثير من النقاش في ميدان السياسة اكثر مما يثيره في ميدان الاقتصاد ، وتؤثر فيه العوامل السياسية بشكل اكبر وأوسع من العوامل الاقتصادية. فكمية الإنتاج النفطي وكذلك أسعاره هي قرارات سياسية في الدرجة الأولى وليس لها علاقة بميكانيكية قوانين . السوق الكلاسيكية المعروفة.
   النفط  مادة غير متجددة كبقية مواد الإنتاج الأخرى المعروفة. ولهذا فإن سعر هذه المادة لا تقرره عوامل العرض والطلب وتكاليف الإنتاج فقط وإنما تدخل في تقرير سعره أيضا حسابات تعويض هذه المادة  الحيوية وثمن البدائل المتاحة ومن ينظر إلى تسعيرة النفط اليوم على انه خاضع للعرض والطلب وميكانيكية السوق يتجاهل العناصر الرئيسية المكونة لسعر مادة كهذه. لذلك فان الدعوة إلى تجميد الأسعار-وهي مدار المعركة التي تدور اليوم على الساحة النفطية- كمدخل لحل مشكلات العالم الصناعي وبالتالي للحفاظ على التوازن الاقتصادي العالمي ، هذه الدعوة ، من الوجهة الاقتصادية ، تصدر عن قصر نظر ، كما أنها تؤدي من الوجهة السياسية إلى كارثة محققة.
   هذه الكارثة لها وجهان أساسيان : الأول هو إجبار الأقطار المصدرة للنفط وغير الموافقة على تجميد أسعاره على تخفيض إنتاجها مما يؤدي بالضرورة إلى خفض مداخلها المالية العائدة من بيع النفط وبالتالي الأضرار بخططها التنموية المحلية أيضا ، ومن جهة أخرى تجبر الأقطار المحبذة لسياسة تجميد الأسعار على إنتاج نفط يفوق قدرتها العملية . مما يعرض آبارها النفطية إلى الخراب ويضر بأجيالها القادمة ، وكل ذلك لصالح الأقطار الصناعية المتقدمة.
     لقد راهنت كتابات كثيرة في الغرب على حرب غير معلنة بين الأقطار لأساسية المصدرة للنفط على جبهتي الأسعار والإنتاج. ويبدو أن الضغوط التي تعرضت لها بعض تلك الأقطار المنتجة للنفط قد نجحت في إشعال تلك الحرب الخفية . وتواكب كل ذلك مع أوضاع سياسية إقليمية-في الشرق الأوسط-وعالمية مواتية ، وتحقق بذلك جزئياً ما كانت تنادي به الأقطار الصناعية ، وهو ما تسميه في أدبياتها النفطية »كسر احتكار الاوبك «. إن تلك الخطوة بطرفيها ، الأقطار  المصدرة للنفط الأقطار الصناعية-المستفيدة ، هي في الحقيقة خطوة سياسية وليست اقتصادية.ان ضخ الثروة الوحيدة لشعوب لأقطارالمصدرة للنفط ، وهي بلاد وشعوب ، تسير على طريق التطور والنمو ، يعني في محصلته النهائية الضغط على المصادر الاقتصادية الرئيسة لهذه الأقطار وتعريضها ﻟﻤﺨاطر الوصول إلى القرن القادم وهي خالية الوفاض من المصدر النفطي ، وأصولها  المالية متآكلة بسبب عوامل التضخم ، مع معاناة من زيادة في السكان ومن مشكلات بيئية مختلفة.
المصادر:
1-   النفط والعلاقات الدولية / د. محمد الرميحي.
2-   العوامل المؤثرة في اسعار النفط ودور العراق المستقبلي في تجارة النفط / خبير نفطي عبد الوهاب الشيخ قادر.
3-   اسواق النفط العالمية و الياتها /هيرمان فرانسن / رئيس مجموعة انترناشنال ايزجي اسوشينس الولايات المتحدة الامريكية .
4-     التقويم الجيويولتيكي لتجارة النفط العربي /د.عراك تركي حمادي/استاذ الجغرافية السياسية المساعد .
 * الكاتب: مهندس في شركة نفط الشمال/العراق، رئيس لجنة حماية البيئة، منظمة النار الازلية للتطوير والتنمية النفطية، العراق.