الجمعة، 15 يونيو 2012

علم السياسة والتحليل السياسي.. العامل الاقتصادي والتكنولوجي


علم السياسة والتحليل السياسي 2.. العامل الاقتصادي والتكنولوجي

ونقصد بذلك مستوى النمو الاقتصادي والتكنولوجي والفني،الذي وصلته الدولة .. فمعرفة درجة التصنيع مثلا ، يؤهلنا إلى استنتاجات صحيحة عن السياسة الاقتصادية لها .. ووجود التكنولوجيا يهيئ أكفأ وسائل استغلال الإمكانات الطبيعية والمادية والبشرية المتاحة بدلا من الركون إلى نماذج سيئة في استغلال الثروات .. وتنعكس قوة الدولة الاقتصادية، في قدرتها على استخدام الأدوات الاقتصادية ،للتأثير في اتجاهات وسياسات الدول الأخرى ..
فالولايات المتحدة الأمريكية استطاعت التحكم في مصائر الكثير من الدول والشعوب، بفعل قوتها الاقتصادية، وقدرتها على توظيفها سياسيا .. والغرب بمؤسساته الدولية ضغط على ( غانا ) في عهد نكروما للأخذ بمظاهر الحداثة والتحديث ، وكرست جهود كبيرة وموارد كثيرة لاكتساب رموز الحداثة ( مؤسسات – آلات – مصانع – جهاز الدولة ) فكانت النتيجة النهائية تحديثا بغير تنمية حقيقية .. فالمستوى الاقتصادي والتكنولوجي ،له تأثير مباشر في العملية السياسية ..





ويمكننا أن نوضح دور المستوى الاقتصادي والتكنولوجي في عالم السياسة عن طريق المفردات التالية :
المشكلات الاقتصادية الداخلية
التي تعاني منها الدولة ..
الثروات ومصادر الدخل القومي للدولة ..
هل وصلت الدولة إلى حد الكفاية الذاتية أم لا ..
السياسات الإنمائية والتنموية للدولة ..
علاقات الدولة الاقتصادية بالخارج ..
من خلال هذه المفردات وغيرها نتمكن من معرفة المستوى الاقتصادي للدولة .. فمثلا السياسات الإنمائية المتبعة في العالم الثالث عند التحليل والتأمل، نرى أنها هي المسؤولة عن بقاء التخلف وعن تطوير التبعية وزيادة اختلال توازن المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وحضاريا ..حيث إن جميع المشاريع والأعمال التخطيطية، أتت في الحقيقة نتيجة النظرة الاغترابية تجاه المستوى الاقتصادي في البلدان المتطورة صناعيا .. ولذلك أتت بنتائج عكسية أي بتعميق التبعية التكنولوجية والغذائية تجاه الغرب الصناعي ..كما أن سياسات التنمية المتبعة في بلدان العالم الثالث ،تناسب مصالح الدول المتقدمة صناعيا ،من حيث اعتمادها على تعامل كثيف وغير متكافئ مع الدول الصناعية .. مما يتطلب الاستعراض واستيراد الآلات المكلفة والمعقدة ،بما لا يراعي ظروف البيئة والمستوى التقني المحلي .. وينتج عن ذلك تبذير وضياع اقتصادي واجتماعي لا حد له ..كما أن من الأمور المهمة على الصعيد الاقتصادي، وجود الشركات الاقتصادية الكبرى في بلدان العالم الثالث.. فالمحلل السياسي مثلا للوضع الاقتصادي في أي دولة عربية أو ثالثية ، لا يمكنه أن يصل إلى نتائج حقيقية وسليمة عنه من دون معرفة دور الشركات الكبرى والعابرة للقارات في البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة ..
والشيء الثابت في هذا الصدد أن العوامل الاقتصادية والإنتاجية على شمولها واتساعها وتنوعها ،تتفاعل مع الوضع السياسي فتنفعل به وبالعكس.. لذلك من الأمور الضرورية في البناء النظري للمحلل السياسي هو معرفة المستوى الاقتصادي للدولة .. حيث إن قوانين الاقتصاد مثل العرض والطلب أو أزمات المجاعة وتضخم الإنتاج وما أشبه كلها عناصر لها تأثير مباشر على عالم السياسة .. وأيضا لا بد من معرفة التكتلات والنقابات والتجمعات المرتبطة بالوضع الاقتصادي للدولة كنقابة العمال والفلاحين وما شاكل ذلك ،والعلم بالتكتلات والهيئات الاقتصادية الإقليمية أو الدولية ، التي تنتمي إليها الدولة في الخارج ..فمثلا لا يمكننا فهم ماجرى من أحداث سياسية في بولندا بدون معرفة ( نقابة تضامن ) ودورها في الصراع السياسي المحلي وتأثيرها الخارجي سياسيا أو اقتصاديا أو إعلاميا .. كما إننا لا نتصور الوضع الاقتصادي لأوروبا الغربية بدون معرفة الدور والامتيازات الاقتصادية والسياسية والتجارية التي يقدمها ( السوق الأوروبية المشتركة ) إلى الدول المنتمية إليه .. كما ينطبق ذلك على أعضاء (الكوميكون ) ولكي نفهم العملية السياسية بوضوح ويكون البناء النظري للمحلل السياسي متينا من الضروري إدراك ومعرفة ووعي التجمعات الدولية ك( صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ) ودورها وتأثيرها على دول العالم قاطبة ..ومن الملاحظ أن البلدان التي ارتبطت بالصندوق الدولي، وجربت السياسات الاقتصادية ، كانت النتيجة النهائية المزيد من تفاقم الأزمة الاقتصادية ،وتراجع معدلات النمو والإنتاجية وارتفاع العجز في الميزانية ،وتفاقم مستوى خدمة الدين الخارجي ،واستفحال الأزمة الغذائية من جراء تدني مردود القطاع الزراعي ..
فإذا أردنا أن نحلل الوضع الاقتصادي لأي بلد ، لا يمكننا فهم الوضع الاقتصادي ،ومعرفة هياكله ومؤسساته ودورها في المجتمع ،بدون معرفة ووعي دور المؤسسات الاقتصادية الدولية ودورها في تخريب الاقتصاد في ذلك البلد .. ومن المعروف أن للبنك الدولي للإنشاء والتعمير ،حقا في تحديد طبيعة المشاريع المقرر إنشاؤها وتحويلها بقروض منه، أو من مستثمرين خاصين بضمانات منه ..فهو لا يقدم أي قرض ما لم تقدم لجنة خاصة تقريرا توصي فيه بإقامة المشروع المطلوب بعد دراسة فوائده ..والملاحظ في كل البلدان التي عمل فيها البنك الدولي ، إنه تركز اهتمامه على تمويل المشاريع الهيكلية الاقتصادية كشبكات الطرق ومحطات توليد الكهرباء والموانئ والمخازن مهملا المشاريع الإنتاجية الزراعية والصناعية الأساسية .. كما أن البنك يفرض ضمانات مقابل القروض التي يمنحها، لا تأخذ شكل عمولات فحسب ، يل تأكيدات وضمانات ضد التغييرات السياسية والاقتصادية المحتملة في البلدان المقترضة ( بالكسر ).. ونستخلص مما سبق أن للمؤسسات الاقتصادية الدولية تأثير في القرارات السياسية، والمحلل السياسي لا يستطيع فهم السياسة الاقتصادية لدولة من الدول ،من دون معرفة دور هذه المؤسسات الاقتصادية ..
موقع الدين في الحكم والمجتمع :
ثمة نسبة من الأحداث السياسية التي تجري في العالم، بدافع وحافز أيدلوجي .. لذلك فمن الضروري بمكان للمحلل السياسي ،أن يتعرف على موقع الدين والأيدلوجية في السلطة والمجتمع .. فلا يمكن للمحلل السياسي أن يتعرف على جوهر الصراع العربي -الصهيوني – بدون معرفة موقع الدين في هذا الصراع لكلا الطرفين .. كما أنه لا يمكن فهم الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للهند، من دون التعرف على موقع الدين في المجتمع الهندي .. كما أن معرفة أيدلوجية السلطة مسألة مهمة في التحليل السياسي ..إذ لا وجود للممارسة سياسية بلا أيدلوجية وتحت تأثيرها يتحرك الفعل السياسي في الاتجاه الذي يتناغم كليا أو جزئيا مع المنظومة الفكرية ( النظرية ) لهذا الكيان السياسي .. فالخيارات الأيدلوجية للمؤسسة الحاكمة والمجتمع بفئاته وتكتلاته السياسية والاقتصادية والثقافية ،لها تأثير جلي وواضح في الممارسة السياسية .. فالحاكم السياسي الذي ينتخب خيار العلمانية كنهج مجتمعي وسياسي، لا يمكن أن يجعل حكمه وقراراته السياسية بمعزل عن تأثير هذا الخيار وهكذا دواليك .. كما أن المجتمع الذي يرتضي الإسلام نهجا للحياة والحكم ، لا يستطيع البقاء تحت حكم فئة أو حزب أو شخص لديه خيار أيدلوجي يناقض خيار الإسلام .. ولو رجعنا قليلا إلى التاريخ لوجدنا التأثير البين للدين في العملية السياسية والحضارية للمجتمعات والأمم .. فالأوروبيون حينما شنوا حروبهم الرعناء ضد العالم الإسلامي ، كانت بدافع ديني صليبي لذلك سميت تلك الحروب ( بالصليبية ) حيث ألقى البابا أربانوس في 26 تشرين الثاني عام ( 1059 ) خطبته في كلرمونت من مناطق فرنسا الجنوبية الشرقية ،ودعا الصليبيين إلى إعادة كنيسة القيامة وانتزاعها مما أسماهم بالقوم الأشرار .. وقد أشعلت هذه الخطبة نيران الأحقاد في نفوس الأوروبيين ،فقد تنادى الإفرنج وصاحوا صيحتهم الحاقدة ( ديوسي فولت ) أي الله أرادها ..وقد استجاب لدعوة البابا في ربيع السنة التالية نحو مئة وخمسين ألف رجل .. كما أن اليقظة والانبعاث الذي حدث في العالم الإسلامي آنذاك للدفاع عن النفس والمقدسات كان بدافع إسلامي وديني ..
فالدين ( بمعناه الشمولي ) تأثير لا يمكن تحديد مداه ،ومعرفة صداه في العملية السياسية والحضارية على المجتمعات والشعوب ..لذلك لا بد للمحلل السياسي أن يتعرف وبدقة على جوهر الدين ودوره وتأثيره في المؤسسة الحاكمة والمجتمع، حتى يخلص إلى نتيجة وتحليل سياسي سليم ودقيق ..
إذا أردنا أن نحلل الوضع الاقتصادي لأي بلد ، لا يمكننا فهم الوضع الاقتصادي ،ومعرفة هياكله ومؤسساته ودورها في المجتمع ،بدون معرفة ووعي دور المؤسسات الاقتصادية الدولية ودورها في تخريب الاقتصاد في ذلك البلد.
إذا أردنا أن نحلل الوضع الاقتصادي لأي بلد ، لا يمكننا فهم الوضع الاقتصادي ،ومعرفة هياكله ومؤسساته ودورها في المجتمع ،بدون معرفة ووعي دور المؤسسات الاقتصادية الدولية ودورها في تخريب الاقتصاد في ذلك البلد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق